إطلالة تربوية على علم النفس الدعوي

إطلالة تربوية على علم النفس الدعويإعداد: محمد محرم

لا شك أن جمهور الدعاة بحاجة ماسة لكتاب نفسي تربوي في مجال الدعوة إلى الله والحركة، وفي مجال الاتصال بالناس والتأثير فيهم، وفي مجال التعامل مع الأولاد والتلاميذ والمدعوين، ومن ثم جاء كتاب (علم النفس الدعوي) للدكتور: عبد العزيز النغيمشي، ليلبي هذه الحاجة الماسة، ويضع بين يدي المربين والدعاة خلاصة علم النفس، وأهم المواضيع في مجال التربية والدعوة.

وقد قسم الكاتب كتابه إلى خمسة أبواب:
الباب الأول تكلم فيه عن:
(الأهداف التربوية)، ولكن قبلها تكلم عن الأهداف العامة لدراسة علم السلوك والعناية به في الإسلام، وهي الاعتبار والعظة بالتفكر في الإنسان، وفهم الإنسان والتعرف على طبيعة سلوكه، والحكم على السلوك من حيث الصحة وعدمها والسواء والشذوذ، وتيسير الدعوة إلى الله بالوصول إلى الطرق والأساليب المناسبة لدعوة النفس البشرية وهدايتها، وأخيرًا تسهيل التربية بمعرفة طبائع المتربي وخصائصه.

ثم تكلم عن الأهداف التربوية وأنها تتوزع في قسمين رئيسين، وهما أولًا: الجانب الداخلي المعنوي، وهو ما يتعلق بمشاعر المربي والمتربي، أو ما يطلق عليه النية، وثانيًا: الجانب الظاهري العملي وهو ما يتعلق برسم الأهداف وبنائها في محيط سلوك المتربي وأفعاله، وفرَّق بين الأهداف التربوية والأهداف التعليمية، مبينًا أن الأهداف التربوية هي الغايات القصوى لتوجهات النظام التربوي على المستوى الإنساني، أما الأهداف التعليمية فهي أنماط الأداء النوعي التي يكتسبها التلاميذ من خلال المواد الدراسية، فهي التحديد الإجرائي للأهداف التربوية.

وانتقل المؤلف بعدها للحديث عن تصنيف الأهداف وفقًا للمنهج الإسلامي في أربعة مستويات، تتدرج من الأهداف الكلية إلى الأهداف الجزئية، وهي كالتالي:
1- المستوى النهائي: ويتعلق بهدف الحياة العامة، وهو تحقيق العبودية لله تعالى للفوز بالجنة في الآخرة.
2- المستوى التربوي العام: ويتعلق بالأهداف التربوية العامة والشاملة، كدعم العقيدة الإسلامية في نفوس الطلاب، ورعاية الشباب على أساس الإسلام، وعلاج مشاكلهم الفكرية والنفسية، وغيرها من الأهداف.
3- المستوى التربوي الوسيط: وهو ما يتعلق بالأهداف التربوية الضمنية، والتي تعني بوصف أنماط السلوك أو الأداء النهائي المتوقع صدوره من المتربي بعد دراسة منهج دراسي معين، كأهداف دراسة مختلف المواد، مثل علم الاجتماع، أو العلوم الدينية وغيرها من العلوم.
4- المستوى التربوي الخاص (السلوكي المحدد): وهو المتعلق بالأهداف الظاهرية أو السلوكية، مثل تحديد هدف الوحدة الدراسية أو الموضوع التربوي داخل المنهج.
ثم تكلم الكاتب عن صياغة الأهداف السلوكية، وأنه لا بد قبل هذه المرحلة أن يتم دراسة مكونات الأهداف السلوكية أولًا، فذكر أن الهدف القابل للاستخدام يجب أن يتضمن ثلاث صفات أساسية وهي: تحديد السلوك أو الأداء الظاهر للمتربي، وتحديد شروط الأداء التي من خلالها يتبدى السلوك النهائي للمتربي، وأخيرًا الصفة الثالثة وهي تحديد كمية الأداء المقبول، وضرب عدة أمثلة على هذه الأهداف، كأهداف دراسة علم التوحيد، أن يعدد الطالب أنواع التوحيد مدعمًا كل نوع بما لا يقل عن ثلاثة أدلة، وأن يمثل من الواقع لاختلال هذه الأنواع في بعض الحالات.

وانتقل الدكتور بعدها للحديث عن تصنيف الأهداف التربوية عبر المجال المعرفي، والمجال الأخلاقي، فتكلم أولًا عن الجانب المعرفي: والذي يشتمل على ستة مستويات مرتبة ترتيبًا هرميًا وهي: الحفظ: ويتبين فيه قدرة الطالب على حفظ المعرفة، ثم الاستيعاب: ويتبين فيه قدرة الطالب على صياغة المعرفة في كلمات جديدة، ثم التطبيق: ويتبين فيه قدرة الطالب على تطبيق ما تعلمه، ثم التحليل: ويتبين فيه قدرة الطالب على تجزئة الموضوع إلى عناصره، ثم التركيب: ويتبين فيه قدرة الطالب على التأليف بين عناصر الموضوع لتصبح كلًا متكاملًا، ثم التقويم: ويتبين فيه قدرة الطالب على إصدار الأحكام الكمية والنوعية على المادة التي يدرسها.

ثم تكلم ثانيًا عن الجانب الخلقي: ويبين فيه أن المنهج الإسلامي فيه أربعة مستويات رئيسة لبناء الجوانب السلوكية الخلقية في الإنسان، وتنقسم هذه المستويات إلى قسمين، يشتمل الأول على مستوى التعرف، بينما يشتمل الثاني على المستويات الثلاثة الأخرى التي تتعلق بالتطبيق والممارسة للسلوك، وهي المستوى الانقيادي: وهو السلوك الخارجي (الإسلام)، والمستوى الاقتناعي: ويتعلق بالتصديق الباطني المقترن بالعمل الظاهري (الإيمان)، والمستوى الرقابي: ويتعلق بالحضور التام في الظاهر والباطن (الإحسان)، مبينًا اهتمام الإسلام بالسلوك الظاهر والباطن على عكس الغرب الذي يهتم بالظاهر فقط.

وينتقل الحديث إلى الباب الثاني بعنوان: (الدوافع)، فعرف الدافع بأنه حاجة تتطلب الإشباع، وعرف الحافز بأنه الشيء الذي يقدم لإشباع الحاجة الناقصة، ثم تكلم عن مقاصد الدافعية وفق نموذج دافعية الحياة الذي وضعه محمد رفقي عيسى، وهي الحفاظ على الدين، والحفاظ على النفس، والحفاظ على العقل، والحفاظ على المال، والحفاظ على النسل.

وتحدث بعد ذلك عن التصنيف الثلاثي للدافعية، وأن الإنسان مكون من جسد وروح، وأنه امتداد لحياتين؛ حياة الدنيا وحياة الآخرة، ومن ثم فإن الإنسان ينظر للدافعية على أنها تتشكل في ثلاث دوائر متداخلة، تبدأ بالدائرة العضوية المتمثلة بحاجات الجسد من طعام وشراب ونوم وغيرها، وتتوسط بالدائرة الدنيوية المتمثلة بالحاجات المادية والنفسية غير المباشرة كالتملك والانتماء والاستطلاع، وتنتهي بالدائرة الأخروية المحيطة والمهيمنة على بقية الدوائر كالعبادات وغيرها من الأمور الروحية الإيمانية.

وتكلم المؤلف بعد ذلك عن مستويات الدافعية وخصائصها، وأنها تحدث عند الإنسان على نحو تدرجي فتبدأ بالدوافع العضوية وهي دوافع يتم إشباعها بصورة فورية مباشرة كالجوع والعطش، وتأتي الدوافع الدنيوية في المرتبة الثانية وهي حب التملك والجاه والانتماء، وهي تشبع على التراخي لا على الفور، كما أنها مرتبطة بالعقل والنفس لا بالجسد، كما أنها تبرز عقب الدوافع الجسدية من حيث المرحلة العمرية، ثم تأتي الدوافع الأخروية في المرتبة الثالثة وهي الحاجات الروحية المتمثلة في الجانب الديني والعبادي والخلقي، وهي أقوى الدوافع وأعظمها قدرًا كما أنها داخلية وروحية.

وتأتي نقطة هامة وهي الحفز في الدائرة العضوية، فيذكر الكاتب أن الحفز يسير متدرجاً بالمتعلم وله أهداف مرحلية يسعى المربي إلى تحقيقها وهي كالتالي:
1- أن يتلافى المربي حرمان المتعلم من حاجاته العضوية كالطعام أو النوم أو دخول الخلاء.
2- أن يسعى المربي لإشباع الدوافع العضوية باعتدال بلا إفراط أو تفريط.
3- ألا يستخدم المربي الدوافع العضوية كحوافز خارجية إلا في حالات معينة وقليلة ومحدودة بوقت معلوم، فلا يجعل الراحة أو النوم شرطا للقيام بعمل معين على سبيل المثال.
4- أن يستخدم المربي تأجيل إشباع الحاجات العضوية لأغراض تربوية، فيدرب المتربين على التأني وضبط النفس لاختبار صبرهم على الطاعة والانضباط، أو لصرف المتعلم عن سلوكيات غير مرغوبة كحرمان المدخن من الأكل والشرب ليمتنع عن التدخين، أو لردع المتعلم عندما يقع في أخطاء لا يقع فيها مثله كما فعل النبي
مع الثلاثة الذين خلفوا في غزوة تبوك.

وبعد هذه النقطة تكلم الكاتب عن الحفز في الدائرة الدنيوية، وأنه يصنف في أربعة أصناف متصاعدة وهي: الحوافز المادية كحفز المتربي بالمال، والحوافز النفسية كحفز المتربي بالثناء عليه أو توفير الأمن والحماية له، والحوافز العقلية كحفزه بما يقوم به من إنجاز وما يناله من نجاح أو حفزه بالاستطلاع أو حفزه بالتحدي والمحاجة، والحوافز الغيبية وتشمل حفز المتربي باستثمار ميول الفرد العبادية كاستثمار العبادات في دفع الإنسان لنشاط أكبر وتعويد المتربي على الأذكار والأدعية المختلفة.

ثم انتقل للحديث عن الحفز في الدائرة الأخروية فتكلم عن مرتكزاته وهي الدافع الفطري المتأصل في الإنسان بما فطره الله عليه من التوحيد والحاجة للعبادة، والدافع الخلقي ويتمثل بالحاسة الخلقية عند الفرد والتي تؤدي به للتمييز بين الأفعال الحسنة والقبيحة، ثم الدافع الأمني وهو نابع من حاجة الإنسان للسند والقوة والحماية، ثم التطلع للعدل والإنصاف ويتمثل في ميل الإنسان للفصل في الحقوق ومكافأة المجتهد ومعاقبة المقصر والتطلع ليوم ينتقم المظلوم فيه من الظالم ويأخذ كل صاحب حقٍ حقه، ثم التطلع للإشباع الشامل للغرائز ويتمثل في ميل الإنسان الكامل لإشباع حاجاته ومحبوباته إشباعا شاملا فهو دائما يطلب المزيد من الأكل والشرب والتجارة وغيرها ولهذا يعد الله الإنسان بأنواع العطاء والنعيم المقيم في الآخرة.

وتكلم الدكتور بعد ذلك عن موضوعات الحفز الأخروي وهي:
1- ابتغاء رضوان الله وتجنب سخطه.
2- البصيرة بحقيقة الدنيا مقارنة بالآخرة.
3- بيان حقيقة الموت وأنه نهاية الإنسان في الدنيا.
4- بيان أحداث القيامة وأهوالها.
5- بيان أحداث الحساب والجزاء.
6- بيان نعيم الجنة.
7- بيان عذاب النار وأهوالها.

ثم تكلم بعد ذلك عن بعض الأساليب المستخدمة في الحفز الأخروي وليس كلها وذكر منها على سبيل المثال: المباشرة في تناول الدافع الأخروي، والعرض المتوازن للترغيب والترهيب، والمقارنة بين النعيم والجحيم، وربط المتعلم بالتوبة والاستغفار، وغيرها من الأساليب.

ويأتي الباب الثالث بعنوان: (النمو) وتكلم فيه عن جوانب النمو في ضوء النصوص الشرعية، فبدأ بالحديث عن مراحل النمو النفسي وهي الرضاعة والحضانة والتمييز والبلوغ، ثم النمو الخلقي.
فمرحلة الرضاعة وهي من الولادة إلى سن الثانية تكلم عن أهميتها بالنسبة للطفل وأهمية إرضاع أمه له وبعض الأحكام الشرعية المتعلقة بهذه المسألة كما أن الطفل يتميز فيها بعدة صفات وهي الضعف الجسمي والعضوي، والضعف النفسي والاجتماعي، والضعف اللغوي.
ومرحلة الحضانة وهي بين سن الثالثة والسادسة، ويكون الطفل فيها ملتصقًا بأمة لا ينفك عنها، ويتصف فيها ببعض الصفات النفسية، مثل أن الطفل فيها يكون غزير العاطفة، ضعيف التحمل، يعتمد على الغير، ويحتاج فيها للعطف والحنان والرحمة أكثر من أي مرحلة أخرى.

ومرحلة التمييز وهي من السابعة إلى البلوغ، وذكر الكاتب أن هناك ثلاثة عوامل مهمة لها علاقة بارزة في بيان طبيعة المرحلة وذكرها بالتفصيل، وهي كالآتي:
1- العامل الذاتي:
وفيه أربعة استعدادات تظهر لدى الطفل، وهي: القدرة على التمييز والمحاكمة من خلال الواقع، كإدراك الفوارق بين الأشياء والقدرة العملية على البيع والشراء وغيرها من الأمور المادية الواقعية، ثم القدرة على الحفظ والاستظهار دون فهم المادة المحفوظة وتكلم عن أهمية استغلال هذه النقطة في تحفيظ الأولاد كتاب الله وسنة النبي صلى الله عليه وسلم، ثم القدرة على التقليد واكتساب العادات وهي استعداد الطفل المميز للتعود على عادات معينة في أكله وشربه وملبسه وتظل هذه السمة إلى سن العاشرة، ثم القدرة الحركية واللعب واكتساب المهارات ومن خلالها تتحدد ميول الطفل ومهاراته من رسم أو كتابة أو فك أو تركيب وغيرها فيتم توجيهه إلى ما يلائم مهاراته وقدراته.
2- العامل البيئي:
حيث يتأثر الطفل بالبيئة المحيطة به من مدرسة أو شارع ويكتسب بعض السلوكيات بالملاحظة ولا شك في أهمية التأثير بالقدوة في عامل البيئة ولهذا عني الإسلام بها أشد عناية عن طريق عدد من المبادئ مثل تطابق القول مع الفعل، ومبدأ عرض النموذج من خلال سلوك المربي وعمله أو من خلال النماذج الرائدة في التاريخ والسيرة، ومبدأ التكرار حيث يكرر المربي الأمر أو الفعل الذي يريده من المتربي عدة مرات.
3- العامل الغائي:
حيث يربط المربي المتربي بأهداف عامة وخاصة، وينمي فيه روح التنافس في الخير، ويظهر له دوافع الأعمال المختلفة، ويحثه على استغلال قدراته وإمكانياته، من أجل الغاية الكبرى التي خلق لأجلها.

وبعد أن تكلم عن النمو النفسي بمراحله المختلفة يأتي الحديث عن النمو الخلقي والذي يقوم به الإسلام عبر ثلاث مراحل وهي: المرحلة الظاهرية الانقيادية وتستغرق هذه المرحلة فترة ما قبل الدراسة الابتدائية وجزءًا من الدراسة الابتدائية وفيها يتجه الشخص للسلوك الظاهري الذي لا عمق فيه، ثم بعد ذلك المرحلة الاقتناعية الانقيادية والتي تبدأ من سن الحادية عشرة إلى الخامسة عشرة تقريبا وفيها يتأصل السلوك ويكتسب بعدا باطنا وجذورا داخلية، ثم المرحلة الأخيرة وهي مرحلة الرقابة الذاتية وتقع في الخامسة عشرة وما بعدها وفيها يكون الشعور بأهمية الالتزام الخلقي أكثر عمقا ويشعر فيها المتربي بحساسية مرهفة نحو سلوكه وتصرفاته وعلاقاته.

وجاء الباب الرابع بعنوان: (التفاعل التربوي) وتكلم في مقدمته عن بعض نظريات حدوث التفاعل الاجتماعي بين المربي والمتربي وأهم القواعد التي تقوم عليها عملية التفاعل مثل:
* قاعدة التبادل في العلاقات بين المربي والمتربي فبقدر ما يقدمه المربي من عناية ورعاية يقدم المتربي الطاعة والبر.
* قاعدة الحقوق والواجبات فكل من المربي والمتربي له حقوق على الطرف الآخر وعليه واجبات نحوه لا بد أن يؤدي الاثنين معًا.
* قاعدة رأي المربي في المتربي له أثر على شخصيته فالمتربي يتأثر بشدة برأي المربي فيه ويكون رأيه عن ذاته عبارة عن انعكاس مباشر لرأي الناس عنه.

ثم تكلم بعد ذلك عن أساليب وأنواع التفاعل فقسمهما إلى مجالين: مجال المشاعر والمفاهيم، ومجال السلوك والأعمال.
فتكلم في مجال المشاعر والمفاهيم عن بعض الأعمال المتعلقة بمشاعر الإنسان وتوجهاته الداخلية مثل التوجه والسعي للحصول على محبة الله، والإخلاص والصدق في العلاقة بالناس، والوعي بالقواعد التربوية التي تنشئ التفاعل.

وتكلم في مجال العمل والسلوك عن بعض الأساليب المتعلقة بالسلوكيات التي يمارسها الفرد لإحداث اندماج وتفاعل مع الآخرين مثل: السلوك اللغوي وطريقة التحدث، وسلوك السيما والهيئة والمظهر الخارجي، والسلوك التعاملي العادي وطريقة الفرد في التعامل مع الآخرين، والسلوك العلاجي وطريقة مواجهة الفرد للمشكلات، والسلوك التعاوني وكيفية التعامل مع احتياجات الآخرين المادية والصحية وغيرها، والسلوك التكميلي وهو المتعلق بكماليات السلوك وملطفاته كأساليب الترفيه والدعابة وغيرها.

وانتقل بعدها للجزء الثاني من الباب الرابع والذي جعله للحديث عن (خصائص المربي الفعال)، وجمعها في أربع زمر من الخصائص:
1- الخصائص المعرفية: وتشمل خلفية المربي المهنية وخبراته التربوية السابقة وفعاليته الدعوية والتربوية، وتشمل أيضًا اتساع ثقافة المربي وتنوعها ومعرفته للمسائل التي تقع خارج إطار تخصصه خاصة في المجالات الاجتماعية والأدبية، وتشمل أيضًا المعرفة الواسعة من المربي بالمتربي كمعرفة اسمه وبعض خصائصه ودراسته وهواياته وغيرها من المعلومات المفيدة عن المتربي.
2- الخصائص الأسلوبية: وتشمل مهارة المربي في استخدام الأساليب المباشرة وغير المباشرة في التربية والتعليم وقدرته على استخدام المقدمات والمداخل والأساليب التمهيدية عند نقل المعلومات والخبرات للمتربي.
3- الخصائص الوجدانية: وتشمل بعض الصفات التي يجب أن يتحلى بها المربي ليكون قدوة ومؤثرا في المتربي وهي الإخلاص والعدل بين المتربين والأمانة في التعامل معهم والجود بالوقت والمال والنفس والرحمة على الناس كافة وعلى متربيه أكثر.
4- الخصائص الاتصالية: وتشمل ثلاث خصال وهي المرونة والتي من خلالها يستطيع المربي تقدير المواقف والتعامل معه في حدود الاستطاعة ثم التوازن الاتصالي وعناية المربي بحسن الخطاب والحوار مع المتربي ثم القرب من المتربين والجلوس معهم واستقبالهم.

ويختم الدكتور عبد العزيز كتابه بالباب الخامس بعنوان: (الشخصية) فتكلم في المقدمة عن حيرة علماء النفس والاجتماع في الوصول لتعريف الشخصية، ثم يعرض بعض التساؤلات الهامة والمؤثرة على بناء أي نظرية للشخصية عند التعامل معها مثل: الاختيار والجبر وهل ندير أنشطتنا بأنفسنا؟ أم هل نحن مجبرون على ما نفعله؟
وكذلك الطبع والتنشئة وتأثيرهما على السلوك الإنساني، وأيضا الماضي والحاضر وتأثيرهما على سلوك الأفراد، وكذلك التفرد والعموم وهل لكل إنسان طبيعته المستقلة أم هناك ثوابت مشتركة بين الناس وأخيرًا الخير والشر وهل النفس بطبيعتها خيرة أم شريرة؟

ثم يتكلم عن الشخصية في المنظور الإسلامي وتكوينها وأن الإسلام ينظر للشخصية على أنها تتكون من أربعة مكونات المكون المادي العضوي والمكون الروحي المعنوي والمكون العبادي والمكون الخلقي، وأن هذه المكونات تسير في مسار واحد متناسق متكامل محكوم بنواميس كونية منتظمة وثابتة وأن فيها جانبا إراديا يتصرف الإنسان بشأنه وأن التوحيد الذي أنزله الله يساعد الإنسان على اختيار معتقداته وأفكاره وأن هناك تناسق بين إرادة الإنسان وفطرته المتناسقة مع النظام الكوني الذي خلقه الله، وأن تشكيل الشخصية الإسلامية يتم من خلال ما وضعه المنهج الإسلامي من نماذج يعرض الإنسان نفسه عليها كالظالم لنفسه والمقتصد والسابق بالخيرات.

وتكلم المؤلف بعد ذلك عن الروح وتعريفها وعلاقتها بالنفس وأقوال العلماء في ذلك ويخلص إلى أن المكون الروحي في الإنسان هو الذي ترتكز عليه الدوافع الأخروية والمعنوية التي سبق بيانها.

ويختم بحثه بالحديث عن السواء والانحراف وسمات الشخصية فيحدد معايير السواء عند النفسيين كمعيار النظرية القيمية والتي تقيس السواء والانحراف بمدى البعد والقرب عن المثل الأعلى والكمال، ومعيار النظرية الطبية والتي ترى أن الشذوذ والانحراف حالة مرضية، وغيرها من المعايير الغربية.
ثم يتكلم عن معايير السواء في المنهج الإسلامي ويحصرها في ثلاثة معايير وهي: مدى انسجام السلوك مع الطبع والفطرة ثم مدى انسجام السلوك مع الشرع ثم مدى انسجام السلوك مع الغاية النهائية وهي عبودية الله تعالى.

ثم يستعرض في النهاية المحكات التي على أساس منها يقوم علماء النفس النظريات المختلفة في الشخصية وهي: الصدق الواقعي بأن تكون مدعمة بالواقع، والبساطة وعدم التعقيد، والشمولية، والتلاؤم الداخلي بين مكونات النظرية، والقابلية للاختبار والفحص، ومدى الانتفاع بها، ومدى قبول النظرية لدى العلماء والمتخصصين.
ومن خلال عرض هذه المحكات يتضح أن الرؤية الإسلامية تملك كل هذه الصفات وتلبي كل المتطلبات العلمية والبحثية.
انتهى

————————–

اترك تعليقا