
المرأة على طريق الدعوة
- zadussaerinweb@gmail.com
- أغسطس 29, 2021
- دعوتنا
- 0 Comments
المرأة على طريق الدعوة – (عم يتساءلون عن المرأة في الإخوان المسلمين)
بقلم د.منال أبو الحسن (*)
ربما يود الذين لا يعلمون الكثير عن الإخوان المسلمين أن يعرفوا عن طبيعة الجماعة وخصائصها وأهدافها، وغير ذلك من الأمور التي دأب الإعلام العربي والغربي على الحديث عنها بعلم أو بغير علم وبجهل مقصود أو متعمَّد.
ولكنَّ الحديث عن المرأة وتسليط الإعلام الضوءَ عليها في ظل عولمة القيم والمفاهيم، ومحاولة إبراز المرأة على الساحة المجتمعية بما تستحق وبما لا.
آملين تحقيق أجندة غربية أمريكية تقودها ظاهريًّا الأمم المتحدة التي تداعت على الإسلام والمسلمين في شكل هجمات شرسة، سريعة الطلقات، واسعة المجال، ليس لها من دون الله كاشفة، فنجد إقبال العديد من الإعلاميين والصحفيين على مصادر عديدة للإخوان المسلمين من أجل الحصول على تصريحات، أو آراء ورؤى مستقبلية وسياسات تنتهجها الجماعة من أجل الإصلاح في جميع المجالات، وكان من دواعي هذا الإقبال اشتراك المرأة الإخوانية في العمل السياسي، سواءٌ كمرشحة أو ناخبة أو كمواطنة تحفِّز الآخرين على العمل من أجل الإصلاح.
التساؤلات.
تساءلوا مَن هذه المرأة التي استطاعت أن تظهر على الساحة بهذا الشكل الإيجابي، وفي ظل معوقات النظام للإصلاح والتغيير الإيجابي أو المثمر والسلمي والشرعي والديمقراطي، كيف أعد الإخوان هذه المرأة؟
أليست هي مواطنة تعيش في ظروف الآخرين؟ ما أهم مقوماتها التي تميزها عن غيرها؟ كيف يمكن أن تساير العصر بمستجداته؟ إلى أي درجة هي امرأة عصرية؟ هل يمكن فعلًا أن تحمل رسالةً تقدمها للعالم أجمع؟ وأين تضع ذاتها في إطار الأولويات المطروحة؟
صبغة الله.
المرأة في جماعة الإخوان المسلمين الشقّ الثاني في مجتمع الدعوة؛ عملًا بقول الرسولﷺ: «النساء شقائق الرجال» فلها جميعُ الحقوق التي كفلَها لها الإسلامُ الحنيفُ، والتي تعجز القوانين الوضعية والدولية على إعطائها إباها، فلا تحتاج إلى اتفاقية دولية لإلغاء كافة أشكال التمييز ضدها لتردها إلى جاهلية ما قبل الإسلام، فلا تتساوَى مع الرجل في الوضع الذي فضَّلها فيه الإسلام، ولا تُحرَم من أجر في الدنيا ولا في الآخرة من أجل أنوثتها، ولا تحتاج إلى الانضمام إلى جماعة محلية أو دولية لتحقق لها حقوقًا شاذَّةً تُفقدها صبغتها التي فضلها الله بها وفطرها عليها.
رؤيتها واضحة
المرأة في الإخوان المسلمين لا تعيش في ظل قضايا تُفرض عليها أو تُغلَّف بها من قِبَل جهات أو جماعات مشبوهة تعمل من أجل الفساد أو الإفساد في الأرض بقصد أو بغير قصد، وأقصد بذلك من يخططون للإفساد من غير المسلمين، ومن يعملون لهم من المسلمين، عبدة الدرهم والدولار، فليس من العدل أن نقول إن كل من يعمل مع الجهات الدولية المفسدة على وعيٍ وعلمٍ بالمخطط بالأساس، ولكن ربما دفعت الشهرة والمال الكثيرَ من بني جلدتنا للعمل من أجل تحقيق أهداف الجهات الدولية التي تُظهر العداوة لكل من هو في فلك الإسلام، هؤلاء مهما أبرزتْهم وسائل الإعلام وأظهرتهم على الساحة الدولية فإن المرأة في دعوة الإخوان على علم تام بهم، فلديها الرؤية الواضحة التي ربما افتقدها العديد من نساء مجتمعها، حتى من وَصل منهم إلى مراكز علمية متخصصة وإلى مناصب قيادية مصنوعة أو وهمية تدعو لها تداعيات النظام.
مجتمعها متميز
الأخوات المسلمات استطعن تكوين مجتمع إخوانيٍّ يزداد ترابطًا في الأزمات ليحقق بالفعل قول الرسول ﷺ: «المؤمن للمؤمن كالبنيان المرصوص يشد بعضه بعضًا». وكم من أزمات قابلت الجماعة، وكم من ابتلاءات تخطتها وما زالت، وهو ما أفرز نوعيةً معينةً من العلاقات الاجتماعية التي تتميز بها الجماعة، يحس بها القريبون منهم، فيتعجَّب الكثير كيف نشأ هذا الحب وهذا الترابط، فيغبطهم المحبون لهم، ويتذكر من يشاهدهم صفات المتحابين في الله والمتواصلين فيه والمتباذلين فيه، الذين أعدَّ الله لهم منازل من نور يوم القيامة، وسيظلهم الله بظله يوم لا ظل إلا ظله.
مطورة لذاتها وحريصة على عبادتها
فهي في داخل بيتها لها وردُها اليومي من كتاب الله، وتجتهد في تحسين تلاوة القرآن الكريم، وتدريس سيرة رسول الله ﷺ وتاريخ السلف الصالح، وتحفظ أحاديث تُعينها على تفسير الكثير من المسائل الحياتية، وتهتم بصحتها العامة ونظافتها الذاتية، واكتساب أحسن القيم الأخلاقية التي تعينها على حسن العشرة مع الزوج وحسن التعامل مع الجيران والأخوات والزملاء في العمل، وكل مَن تحتاج إلى التعامل معهم.
ومن هذه الأخلاق التي تحرص على التمسك بها الوفاء والحياء والتواضع في غير ذلة أو خضوع، والعدل وقول الحق، والمبادرة بالخيرات، والعفو والصفح والرفق، وأداء مهامها بإتقان، وضبط الموعد، واحترام النفس، والتوسط في الإنفاق في الكماليات، وإحياء العادات الإسلامية الصحيحة والمتمثلة في المأكل والمشرب ومواعيد الطعام وعاداته ومواعيد العمل والراحة، ولا تنزلق في أماكن اللهو غير المباح، ولا تقصِّر في أداء حقوق الأَخوات من الحب والتقدير، وهذه بعض القيم ربما حرصت عليها جميعًا، وربما تجاهد نفسها للحفاظ عليها أو لاكتسابها كما يحب الله ويرضى، وهي في كل هذه الظروف التي تعيشها وفي كل ما تعاني منه المجتمعات الإسلامية من قيم دخيلة ترغب في تحسين نفسها ودعوة غيرها وتكوين نموذج صالح للاقتداء.
لها رسالة هادفة
المرأة الإخوانية لها رسالةٌ هادفةٌ تستطيع من خلالها أن تنشر الإسلام وتدفع الجيل الجديد لمقاومة الدعاوَى الفاسدة والهجمات الشرسة، يساعدها في ذلك الإعداد المتواصل خلقيًّا وفكريًّا وماديًّا وعقائديًّا ونفسيًّا، وهي تتحلَّى بالفهم الصحيح للدين عند الله، فهو ليس جزءًا من نظام دولة كما يريده الحكام الفاسدون والمستبدون، ولكنها تدرك أن الدين عند الله الإسلام، وأنه يتناول مظاهر الحياة جميعها، فلا تمثله الهيئات الدينية في الدولة أو يتمثل فيها فقط، ولكن الإسلام في جميع مظاهر الحياة، إنه نظام شامل، وعندما تسير الدولة على هذا النهج فإنها تعتبر دولةً مدنيةً بمفهومها الشامل الفسيح في إطارها الشرعي السليم؛ لذلك فهي ترفع شعار: (الله غايتنا والرسول قدوتنا والقرآن دستورنا والجهاد سبيلنا والموت في سبيل الله أسمى أمانينا).

إيجابية فاعلة
وتتميز الأخوات المسلمات الفاعلات بقدرتهن على تنمية ثقافتهن وترشيد أفكارهن وأفكار مَن يتعاملن معهن، من خلال قاعدة واسعة عريضة للفكر، ودعوةٍ صحيحةٍ للإسلام، بعيدة عن التحيز والتطرف والجهل، وهن لا يخضن أو يضيِّعْن وقتًا فيما لا يُبنَى عليه عمل صالح، وعندما تنتشر في المجتمع البدع والخرافات والمنكرات فإنهن لا بد أن يتحركن لإنكار ذلك ومحاربته بما يتيسر إلى ذلك من سبيل.
لذلك فهن ليسوا لقمةً سائغةً للرسائل الإعلامية الحديثة، التي تتمثل في المنتجات الإعلامية التي تُبَث عبر الفضائيات أو من خلال دور السينما أو منتجات الفيديو والمنتجات المطبوعة.
تتمتع بحرية الإسلام
الأخت المسلمة في دعوة الإخوان تتمتع بحرية الإسلام الذي حرَّرها من كل ما يسيء للعقل والنفس ويفسدهما، وعندما تُحرِّر عقلها وتحصِّل العلم النافع يصبح لديها القدرة على تكوين رؤى وتفعيل رؤى الغير، بشرط عدم اصطدامها بأحكام الدين، وهي لا تصاب بالتشتت والبلبلة الفكرية عند عرض وسائل الإعلام للآراء الفقهية المتعددة لظاهرة واحدة؛ لأنها تدرك أن الخلاف الفقهي في الفروع لا يكون سببًا للتعارض في الدين، وعندما تدرس الحقائق العلمية فإنها لا تفصلها عن القواعد الشرعية لإيمانها بأنه لا مجال للتعارض بينهما.
تهتم بأمر المسلمين ساعيةً للإصلاح بكل مستوياته
المرأة المنتمية للإخوان المسلمين تسعى دائمًا للإصلاح النفسي والذاتي أولًا، ثم البعد الإصلاحي للمسلمين، ويؤهلها هذا التدرج في الإصلاح إلى النفع العام والصالح للجميع، ويجعل دعوتها للإصلاح مبنيةً على أساس راسخ سليم ومنطلق إيماني عميق، وتعلم أنه من لم يهتم بأمر المسلمين فليس منهم، فلا تلهيها الحياة المادية والنفعية لذاتها عن غيرها من إخوانها المسلمين.
وقتها ثمين فتطبق مفهوم الاغتنام
الأخت المسلمة حريصة على وقتها فلا تضيعه لغوًا، ولا لهوًا غير مباح، ولا كسلًا، ولا تراخيًا، بل تدرك أن الأعمال أكثر من الأوقات فتحرص على أدائها، وتعرف كيف تطبق مفهوم الاغتنام في الثقافة الإسلامية، والتي أمرنا بها الرسول ﷺ بأن تغتنم خمسًا قبل خمس، كما في الحديث الشريف الذى رواه بن عباس: «اغتنِمْ خمسًا قبل خمسٍ : شبابَك قبل هَرَمِك، وصِحَّتَك قبل سَقَمِك، وغناك قبل فقرِك، وفراغَك قبل شُغلِك، وحياتَك قبل موتِك».
نافعة لغيرها
الأخوات المسلمات نافعاتٌ لغيرهن دون النظر إلى الجانب المادي، ولكن ما يحكم مفهوم النفع هو النفع العام والشامل الذي يشمل الناس جميعًا من منطلق «خير الناس أنفعهم للناس».
تسعى لتحقيق ذات الأمة
المرأة في دعوة الإخوان المسلمين ليست متقولبةً حول ذاتها، بل تسعى لتحقيق ذات الأمة، فهي ليست فردًا في حد ذاته ولكنها جزءٌ من أمة، وذلك على عكس ما تسعى إليه وتصوِّره لها الأممُ المتداعيةُ على الإسلام، من كونها كائنًا ذاتيًّا له مصالحه الذاتية البحتة دون النظر إلى من حوله، خاصةً في إطار العلاقات الأسرية والتي ترغب العديد من المنظمات المشبوهة تفتيتها كما يفتت شعاع الليزر الحصوة الكلوية.
لذلك فإنها تستمد قوتها من قدرتها على الحفاظ على البنية الأساسية في المجتمع، وهي الأسرة، بالتمسك بالقيم والمفاهيم الدينية الأصيلة التي تراعي الفروق بين الرجل والمرأة في العديد من المواقف الحياتية، وهي في طريقها إلى ذلك تؤكد على مفاهيم شوَّهَها الإعلام العربي قبل الغربي، مثل القوامة للرجل، والذي صوره الإعلام بأنه يحمل معاني المجتمع الذكوري الذي يسيطر فيه الرجل على المرأة ويستغلها من أجل تحقيق مصالحه الذاتية، ومفهوم الطاعة الذي صوَّره الإعلام العربي بأنه عنفٌ ضد المرأة، وكأن الطاعة المطلوبة في الإسلام هي طاعةٌ عمياء، ونسوا أن الإسلام يؤكد على أنه لا طاعةَ لمخلوق في معصية الخالق، وعلى حسن الخلق، وعلى اللين والرفق بالقوارير، وعلى إعطائهن ثلاثة أضعاف الرجل أو الوالد في الرعاية والصحبة من قِبَل الأبناء، وكلها مفاهيم يساعد المرأة على التمسك بها الحصول على حقوق لم يكفلها لها أي قانون وضعي قديم أو حديث أو اتفاقية دولية تحقق انتكاسةً في الحقوق والواجبات.
تسعى لإيجاد حكومة إسلامية عادلة
المرأة في دعوة الإخوان المسلمين لا تربي أبناءَها على التطرف أو الانحراف حتى إذا قدَّر الله لها العيش في ظل حكومة لا تراعي حقوق المواطن وتحكم الناس بلا قانون عادل ولا تطبق القانون على نفسها ولكنها تصنعه ترسيخًا لحكمها، وهنا تجد الأخت أن عليها واجبًا بالإنكار والعمل الدؤوب؛ من أجل إيجاد الحكومة الإسلامية العادلة التي تطبق فرائض وشعائر الإسلام، ويُعتبر الحاكم خادمًا للأمة، عاملًا على مصلحتها، مشفقًا على رعيتها، محقِّقًا العدالةَ لكل المواطنين، متعفِّفًا عن المال العام، وتربي أبناءَها على ذلك، فتتكون لديهم فكرة القائد النموذج العادل من غير أن تكفِّر الحاكم، أو تضرّ بالوطن والمواطنين وثروات البلاد.
طالبة للأستاذية رافضة للعولمة المفروضة
المرأة المنتمية لجماعة الإخوان المسلمين تدرك جيدًا الفرقَ بين المفاهيم، فتقبل ما يحقق أستاذية الإسلام، وترفض ما يحكمها ويقولبها في إطار العولمة من المفهوم الغربي والأمريكي، أو المفاهيم الشاذة التي تخرج عن الفطرة السليمة للبشر والتي فطر الله الناس عليها.
والأستاذية لا تُفرَض على أحد بل تُتَّبع عندما يدرك الناسُ أن الإسلامَ خيرٌ للناس جميعًا، وأن الرسول- صلى الله عليه وسلم- معلمُ البشرية. قال تعالى: ﴿أَفَمَن يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ أَحَقُّ أَن يُتَّبَعَ أَمَّن لَّا يَهِدِّي إِلَّا أَن يُهْدَىٰ ۖ فَمَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ﴾. (يونس: من الآية 35).
إنها تختلف. ولم لا؟
الأخت في دعوة الإخوان إذن تختلف عن غيرها، ليست منغلقةً على نفسها أو محدِّدةً لدورها في مجالٍ معينٍ أو مكانٍ معينٍ، بل لها دورٌ مجتمعيٌّ تطوريٌّ وإصلاحيٌّ لنشر الدعوة وكسب الرأي العام، والتشجيع على التمسك بالفضائل، ومحاربة الرذائل بوعيٍ، وتطبق فقه الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وتعمل على ترتيب أولوياتها؛ لأنها تعلم أن ترك ترتيب الخيرات سيجعل الواجب مهمَلًا، فتسوء العاقبة.
الأخوات المسلمات يختلفن عن غيرهن، ولا يخالفن الناسَ فيما لا يتعارض مع أصول وثوابت الدين، ويسعَيْن دائمًا لاحتواء الغير، وتسهيل مهام الاقتداء في إطار «يسِّروا ولا تعسِّروا وبشِّروا ولا تنفِّروا». وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين
(*) الدكتورة منال إسماعيل أبو الحسن، الأستاذ بكلية الدراسات الإسلامية جامعة الأزهر – قسم الصحافة والإعلام، ومرشحة الإخوان المسلمين في انتخابات البرلمان عام 2010، وأمينة المرأة بحزب الحرية والعدالة.