
(الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ فِي سَاعَةِ الْعُسْرَةِ) – د. محمد حامد عليوة
- zadussaerinweb@gmail.com
- يناير 22, 2024
- التربية الدعوية
- 1تعليق
(الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ فِي سَاعَةِ الْعُسْرَةِ) – د. محمد حامد عليوة
آية فريدة وعجيبة تحمل العديد من الدلالات والمعاني التربوية والدعوية:
أولاً: أن أوقات المحن والابتلاءات وساعات العسر لا ينجو منها ولا ينجح فيها إلا الربانيون في صلتهم بربهم وعلاقاتهم مع غيرهم، الصادقون في انتمائهم، الواثقون بمنهجهم، الثابتون على دربهم، الموقنون بوعد الله لهم ولدينهم ودعوتهم.
ثانياً: أن حال الصادقين على طريق الدعوة حينما يجد الجد ويحتدم الصراع وتزداد الشدة لا يكون إلا الاتباع والطاعة والالتفاف حول القيادة. وهو الحال الذى كان عليه أصحاب النبي ﷺ بعد أحد، حينما لبوا نداء النبي وانطلقوا -رغم جراحهم وآلامهم- إلى حمراء الأسد، لدرجة أن الصحابي الأكثر جرحاً كان يتكئ على أخيه الأقل جرحاً طاعة لرسول الله ﷺ في التوجه إلى حمراء الأسد.
ثالثاً: التعبير في الآية بلفظ (ساعة) يدل على أنه مهما كانت الابتلاءات والمحن التي يتعرض لها أصحاب الدعوات فما هي إلا ساعة سرعان ما تمضي وتنقضي، وفي ذلك تخفيف لحدة المحنة على النفس وتلطيف لقلوب الدعاة والصادقين في أوقات المحن والعسر على طريق الدعوة.
رابعاً: ترشدنا الآية أيضاً إلى أن حال أصحاب الدعوات الصادقين ساعة العسرة هو العمل لا الجدل، والتلاحم والتلازم لا العتاب والتلاوم، والاتباع والاذعان لا التذمر والعصيان. وهو الحال يوم أحد رغم قسوة المحنة وشدة وقع نتائجها على نفوس الصحابة، يذكر ابن هشام في السيرة أنه: «ما تلاوم اثنان من الصحابة»، لكنهم لبوا النداء رغم جراحهم إلى حمراء الأسد مباشرة.

وحول هذا المعنى كتب الإمام حسن البنا، تحت عنوان (بين المحنة والمحنة): «وهل تنضج الموهبة، ويصفو الجوهر النقي الحر إلا بين المنحة والمحنة؟ وتلك سنة الله –تبارك وتعالى– في تنشئة الأفراد، وتربية الأمم، وسبيل أصحاب الدعوات ممن اصطنع لنفسه من عباده، وصنع على عينه من خلقه ليكونوا أئمة يهدون بأمره (وَنَبْلُوكُم بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ) [الأنبياء: 35].
وفي ذات السياق أورد الأستاذ محمد عبد الحميد أحمد في مذكراته أن الإمام حسن البنا قال في المحنة وأثرها في النفوس: «المحنة هي التي تصقل الدعوة في نفوس الإخوان، وتدفع رجالها إلى النهوض بأعبائها، لا الوعظ والمحاضرات والكتب والندوات».
إنها حالة القلوب وقت الكروب، فمن صلح قلبه استقام أمره وانقادت له جوارحه، ومن خلصت نيته هانت عليه محنته. ورحم الله الإمام بن تيمية حين قال: «كمائن القلوب تظهر عند المحن».
غير معروف
جزاكم الله خير الجزاء