رجال الدعوة: بين العبودية الصادقة والجندية الحاضرة بقلم: الدكتور عبد الستار فتح الله سعيد أستاذ التفسير وعلوم القرآن الكريم بجامعة الأزهر الشريف، وأحد علماء الدعوة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وأصحابه ومن والاه، وبعد. في 1/8/2009، كتب فضيلة الأستاذ الدكتور عبد الستار فتح الله سعيد، رثاء في أخيه ورفيق دربه المرحوم الشيخ الدكتور السيد محمد نوح، ومن خلال مقال طويل ذكر فيه مناقب أهل العلم والدعوة إلى الله، وما اتصف به فضيلة المرحوم الشيخ السيد نوح من صفات، يجب على كل داعية ومربي أن يتصف بهما، فكتب الدكتور عبد الستار فتح الله يقول، معبراً عن أخيه المرحوم، أن للداعية العامل وللمربي القدوة الصادق صفتان أساسيتان جامعتان، تفسران حياته وسلوكه:
الأولى: العبودية الصادقة لله رب العالمين فالناس جميعًا عبيد الله عز وجل بالاضطرار أو بالاختيار، والسعيد منهم من يسيطر عليه شعور غامر بهذه العبودية لربه ومولاه، في صحوه ومنامه، وحركته وسكونه، ومحياه ومماته، ودنياه وآخرته، وفي كل شأنه، وهذا مقام أسمى يرفع خسيسة التراب والطين، حين يلوذ بربه ومولاه، ويدخل إليه من باب الافتقار التام إلى فضله وعطائه، فيكون عبدًا ربانيًّا، يمشي على الأرض هونًا إجلالًا لربه ومولاه ﴿وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الأَرْضِ هَوْنًا﴾ (الفرقان: من الآية 63). ويمشي بين الناس عزيزًا بربه ومولاه: ﴿وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ﴾ (المنافقون: من الآية 8)
الثانية: الجندية الحاضرة فمن كان صادق العبودية توثب بالحركة والنشاط في سبيل مرضاة ربه ومولاه، ولا يكون أبدًا عبدًا خاملًا كسولًا، وإنما يصبح جاهزًا لكل نداء، حاضرًا عند كُل دعوة، مُلبيًا لكُل إشارة، مُسارعًا للخيرات، مسابقًا في الطيبات، وعلى قلبه ولسانه دائمًا مثل قول الكليم – عليه السلام – ﴿وَعَجِلْتُ إِلَيْكَ رَبِّ لِتَرْضَى﴾ (طه: من الآية 84)، ولذلك وصف الله تعالى هذا النوع من عباده بقوله الكريم: ﴿أُوْلَئِكَ يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَهُمْ لَهَا سَابِقُونَ (61)﴾ (المؤمنون) والنتيجة: آثار مثمرة باهرة.
ويذكر الدكتور عبد الستار، أنه إذا تحلى رجل الدعوة والتربية بهاتين الصفتين، فإن ما يترتب على ذلك أن يترك آثاراً مثمرة باهرة، فيقول:
«ولذلك يترك هؤلاء وراءهم آثارًا صالحةً، تنفع الأحياء والأشياء، وتفيد القريب والبعيد، وتؤتي أكلها كل حين بإذن ربها، أو تكون كما قال – تعالى – ﴿كَمَثَلِ جَنَّةٍ بِرَبْوَةٍ أَصَابَهَا وَابِلٌ فَآتَتْ أُكُلَهَا ضِعْفَيْنِ﴾ (البقرة: من الآية 265)». رحم الله فضيلة الشيخ الرباني الدكتور السيد نوح، وبارك فى عمر وعلم وعمل فضيلة الدكتور عبد الستار فتح الله سعيد.