سموّ الدعوة وطاعة القيادة – بقلم: الشيخ حجازي إبراهيم(*)
في صدر الدعوة ومهدها حيكت لها مؤامرات ممن التحق بها، وحاول الإمام البنا -رحمه الله- بكل الوسائل حتى ولو على حساب نفسه، ولكنهم أبوا إلا التمادي في مؤامرتهم واللجج في الباطل والضلال.
وعن تلك المؤامرة يقول الإمام البنا في مذكراته: «وعلم بذلك فضيلة الشيخ حامد عسكرية -رحمه الله- بالأمر فحضر من شبراخيت، وحاول التوسط ليرد هؤلاء الذين ركبوا رؤوسهم إلى صف الجماعة، ولكنهم أبوا إلا العناد، وكان الشيخ -رحمه الله- نافذ البصيرة في مثل هذه الأمور، فعاد يقول لي:«هؤلاء لا خير فيهم؛ فقد فقدوا إدراكهم لسمو الدعوة، وفقدوا إيمانهم لطاعة القيادة، ومن فقد هذين فلا خير فيه في صفنا، فاحتسبهم وامض في طريقك، والله المستعان».
نعم: لا خير فيهم ما لم يُدركوا (سموّ الدعوة وطاعة القيادة)
أيها الإخوان: أدركوا سمو دعوتكم واعلموا أنها دعوة ما قامت إلا لتعيد الإسلام إلى سابق عهده، ومن أهدافها بعد الفرد المسلم والبيت المسلم والدولة المسلمة عودة الخلافة. وما تآمر العالم عليها إلا لأنهم يعلمون أنها دعوة جادة مجاهدة، وجاء ذلك على أسنة الأعداء حيث يقول بعض قادة الكيان الصهيوني قبل قيامها: «أنا لا أخشى جيوش الدول العربية مجتمعة، لكننا نخشى من الإخوان المسلمين»، ولما سئل لماذا؟ قال: «لأنهم جاؤوا يريدون الموت، ونحن جئنا نريد الحياة».
فليكن شعار الإخوان المسلمين قطرات حياة تسري في عروقكم، وخلايا حية تدخل في نسيج جسدكم، يلازمكم ما بقيت قطرة دم في العروق، ويلتصق بجسدكم ما بقيت فيه خلية حية.
وشعاركم هذا ليس إلا الإسلام في أسمى معانيه وأعلى درجاته، شعاركم لا تحيا بها جماعة إلا وانتصرت، وبه انتصر المسلمون في صدر الإسلام، وفي كل مواجهة مع الأعداء على مدار التاريخ حتى يومنا هذا. شعارنا:(الله غايتنا، الرسول قدوتنا، والجهاد سبيلنا، والموت في سبيل الله أسمى أمانينا).
وأما الفقد للإيمان بطاعة القيادة فذلك يبدد الجهود ويمزق الصف ويفتح باب التنازع، وما فُتح هذا الباب إلا وكان الفشل، وضعوا هذه الآيات نصب أعينكم: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِذَا لَقِيتُمْ فِئَةً فَاثْبُتُوا وَإذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ. وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُوا إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّأبِرِينَ) الأنفال: 45 – 46. هل من مجيب؟