عيدكم الأكبر

عيدكم الأكبر.. يوم تتحرر أوطانكم ويحكم قرآنكم  –  د. محمد حامد عليوة

مع نسمات الأعياد في حياة المسلمين يعيش الناس أجواء الشوق في انتظارها ومشاعر البهجة في استقبالها، لأن الأعياد في عرف المسلم طاعة وفرحة، طاعة يتقرب بها المسلم إلى ربه وفرحة لأنها ثمرة ونتيجة فريضة أداها المسلم لوجه ربه، ولكن حينما تهل علينا الأعياد والأمة تنزف الجراح في جسدها، وتدنس مقدساتها، وتنتهك حرماتها، وتنهب خيراتها ومقدراتها، وتسلب حرياتها، ويتحكم فيها أعداؤها، ولا يحكمها شرع ربها؛ هنا كيف تفرح بأعيادها وتبتهج بقدومها؟!  

كتب الإمام حسن البنا – رحمه الله – في نهاية  شهر رمضان موجهاً ومرشداً، حيث بيَّن في هذا التوجيه حقيقة العيد عند أهل الحق، وكيف تكون مشاعرهم نحو دعوتهم وأوطانهم وأمتهم، فهو يرى أن هناك فرق كبير بين العيد الذي يلي الطاعة، مثل (عيد الفطر) الذى يلي أداء فريضة الصيام، و(عيد الأضحى) الذى يلي فريضة الحج، فمثل هذه الأعياد في نظر الإمام البنا (أعياد  شرعية) يجب أن يفرح فيها الناس ويسعدون بعد توفيق الله لهم بأداء الطاعات والفرائض، وهي أعياد لها من الأداب والنسك والسنن التي نقتدي فيها برسول ، لذلك فهي أعياد لها أبعادها الشرعية والعبادية.

لكنه هنا يقصد عيداً آخر، سماه في مواضع أخرى (العيد الحقيقي)، وهو العيد الأكبر، عيد انتصار الدعوة وانتشار الفكرة، عيد بلوغ الرسالة وشيوع العدالة – في الأرض – في ظل منهج الإسلام وتحت راية القرآن، عيد يتحرر الإنسان والأوطان، وحين يتحقق التمكين لدين الله في الأرض.

وفي هذا السياق يقول – رحمه الله : «إن عيدكم الأكبر يوم تتحرر أوطانكم، ويَحكمُ قرآنكم .. فاذكروا فى العيد ماضيَكم المجيد؛ لتتذكروا تبعاتكم، وأملكم لحاضركم، ورسالتكم لمستقبلكم، وجدِّدوا الآمال، وآمنوا، وتآخوا، واعملوا، وترقبوا بعد ذلك النصرَ المبين .. ولا تنسَوا أن ثمنَ النصر تضحيةٌ وفداءٌ؛ فاحرِصوا على تقديم هذا الثمن، ولا تهِنوا بعد ذلك ولا تحزنوا؛ فأنتم الأعلون والله معكم ولن يتركم أعمالكم، وما كان الله ليضيعَ إيمانكم».

—————–
المصدر: من توجيه للإمام حسن البنا، فى 29 رمضان 1367هـ الموافق 5 أغسطس 1948م.

207 - عيدكم الأكبر

0 Comments to “عيدكم الأكبر”

اترك تعليقا