أتطمع في الحصاد ولا بذر لك؟!

أتطمع في الحصاد ولا بذر لك؟! – الدكتور محمد حامد عليوة
من حقائق الواقع وحكم الحياة أن:
«من جدَّ وجد، ومن زرع حصد، ومن سار على الدرب وصل، وما تأخر من بدأ».
ومن حقائق القرآن أن عطاء الله لعباده غير محظور، مؤمنهم وكافرهم طالما أن المرء أراد وعزم وبذل وأخذ بأسباب المدد أمده الله من عطاياه، مصداقًا لقوله تبارك وتعالى:
(كُلًّا نُّمِدُّ هَٰٓؤُلَآءِ وَهَٰٓؤُلَآءِ مِنْ عَطَآءِ رَبِّكَ ۚ وَمَا كَانَ عَطَآءُ رَبِّكَ مَحْظُورًا) (الإسراء – 20). وقد ذكر الطبري في تفسير هذه الآية: «وما كان عطاء ربك الذي يؤتيه من يشاء من خلقه في الدنيا ممنوعًا عمن بسطه عليه لا يقدر أحد من خلقه منعه من ذلك، وقد آتاه الله إياه».

وهذه الحكمة الحياتية والمبدأ الواقعي يدعو الإنسان إلى السعي والإجتهاد وبذل الجهد من أجل بلوغ الأهداف وتحقيق المقاصد، فمن يجتهد سيجد نتيجة اجتهاده، ومن يزرع سوف يحصد ثمرة زرعه، ومن سار على الطريق الصحيح سيصل وإن طال المسير وصعب الطريق، والله تكفل بألا يُضيع أجر العاملين المحسنين، فقال سبحانه: (إِنَّا لَا نُضِيع أَجْر مَنْ أَحْسَنَ عَمَلًا).

ولقد أجاد الإمام ابن الجوزي – رحمه الله – في إيضاح هذا المعنى حين قال: «إذا ذُكر الصالحون فلست فيهم، وإن عُدَّ الأبرار فما أنت معهم، وإن قام العُبَّاد لم ترَ بينهم، ويّحك أتطمع في الحصاد ولا بذر لك؟ أترجو الأرباح ولا تجارة معك؟»

نعم.. أتطمع في الحصاد ولا بذر لك؟. أترجو الربح دون تجارة؟ إنها أسئلة منطقية، تحثنا على ضرورة العطاء من أجل الأخذ والإعداد من أجل الإمداد والزرع من أجل الحصاد.

ورحم الله الإمام حسن البنا يوم تطرق ببلاغة لهذا المعنى فقال ناصحًا وموجهًا: «يا أخي: فاقد الشيء لا يُعطيه، والقلب المنقطع الصلة بالله كيف يسير بالخلق إليه؟ والتاجر الذى لا يملك رأس المال من أين يربح؟ والمعلم الذى لا يعرف منهاجه كيف يُدرسه لسواه؟ والعاجز عن قيادة نفسه كيف يقود غيره؟»

—————————-

اترك تعليقا