احذروا الشيب في العزائم والشيم

احذروا الشيب في العزائم والشيم – د. محمد حامد عليوة

لا بأس إن اشتعل الرأس شيبًا طالما القلب حيًا والعزم فتيًاً، فكم قابلنا من الدعاة الصادقين الذين وهنت أجسادهم وما لانت عزائمهم، تقرأ في قسمات وجوههم ونظرات أعينهم وفلتات ألسنتهم ما بداخلهم من قوة وعزم ووفاء وحزم.

ورحم الله الشاعر التهامي(*) حين قال:
ما شـابَ عَـزمي وَلا حَزَمي وَلا خُلقي .. وَلا وَفائي وَلا ديني وَلا كَـرَمي
وَإِنَّما اِعتاضَ رأسي غَيرَ صِبغَتِهِ .. وَالشَيبُ في الرأسِ دونَ الشيب في الشيمِ

نعم.. إن القوة الحقيقية ليست في البدن، فكم من أقوياء الأبدان ولكنهم ضعاف النفوس ضعاف الإرادة، ولذلك قال أحدهم يومًا: «العجز ليس في الجسم، وإنّما في الإرادة». والإرادة الصادقة للإنسان بمثابة القوة الداخلية الدافعة، والتي تدفعه دفعًا للأمام على طريق النجاح، وتتنامى مع الوقت حتى تمنعه من التوقف أو التراجع.

(*) هو أبو الحسن علي بن محمد بن فهد التهامي. من كبار شعراء العرب، نعته الذهبي بشاعر وقته. مولده ومنشؤه في اليمن، وأصله من أهل مكة، كان يكتم نسبه، فينتسب مرة للعلوية وأخرى لبني أمية. وانتحل مذهب الاعتزال، وسكن الشام مدة، ثم قصد العراق والتقى الصاحب ابن عباد، وعاد فتقلد الخطابة بجامع الرملة، واتصل بالوزير المغربي فكان من أعوانه في ثورته على الحاكم الفاطمي.

اترك تعليقا