لقد أنعم الله عز وجل على أبناء هذه الجماعة المباركة -جماعة الإخوان المسلمين- بنعم كثيرة ومن أعظم هذه النعم: هو الثبات على طريق الدعوة، فالدعوة إلى الله من أعظم ما يتقرب به العبد إلى الله.
يقول الإمام ابن القيم – رحمه الله: «مقام الدعوة إلى الله أشرف مقامات التعبد».
فهنيئاً لقوم وفقهم الله لهذا الشرف العظيم، ولذلك وجب عليكم شكر الله عز وجل على نعمه والشكر يكون باللسان، وقيل عن الشكر باللسان: «هو سيلان اللسان بذكر الله عز وجل وشكره على نعمه التى لا تحصى». والشكر بالعمل كما أمر الله نبيه داوود عليه السلام (اعْمَلُوا آلَ دَاوُدَ شُكْرًا).
فلابد من شكر الله عملاً، حتى يُتم الله عليكم نعمته، وتُحققوا أهداف جماعتكم، وهى إعلاء كلمة الله في الأرض، ومن هذه الأعمال:
1-حافظوا على قوة جماعتكم، وتماسكها وترابطها، واعملوا على علوها ورفعتها وثباتها. وحافظوا على إخوتكم، فما أحوجنا ونحن نسير على طريق الدعوة إلى التآخي في الله، لتقوية الرابطة بيننا، فليشدد كل منكم على يد أخيه بكل حب ورحمة وثبات.
2-وتواصوا بالحق والصبر على المضى معا على هذا الطريق الذى تلاقينا واجتمعنا عليه، ولا تتخلوا عنه أبداً مهما كانت الفتن والشدائد والمحن.
3-وسخروا طاقاتكم وجهودكم وأموالكم وأفكاركم لله وللدعوة إلى الله. فإن دعوتكم بحاجة إلى العقول المفكرة المبدعة، بحاجة إلى سلمان الفارسى صاحب فكرة الخندق، بفكرة واحدة من رجل واحد أعز الله دينه ونصر عبده، وأذل الله أعداءه، كل هذا بفكرة واحدة. فما أجمل أن تختاروا كل يوم (نصف ساعة) في وقت تكون فيه أذهانكم صافية، و قلوبكم حاضرة، ساعة تفكرون فيها بإبداع لله ولخدمة دينه والدعوة إليه.
4-وكونوا أنتم الإعلام البديل فى محيط أسركم، وتغطية لكل أنشطة الجماعة مهما كان صغيراً أو كبيراً، ونشره على أوسع نطاق. واعلموا إخوانى أن الدور الذي تقومون به والله إنه لشاق وثقيل ولكنه عند الله عظيم. إن الأعداء يكيدون لكم ويتربصون بكم، وأن أملنا المنشود لن يتم إلا من خلال صراعات شديدة بين أهل الباطل وأهل الحق، وأنتم لها إن شاء الله
5-وكونوا دعاة متحركين في كل مكان، متقنين لكل فنون الدعوة، فأنتم في بيوتكم نعم المربون، فإذا ركبتم وسيلة مواصلات تؤثرون فى كل من حولكم بحسن أخلاقكم، وإذا دخلتم مصلحة حكومية فلا تخرجوا منها إلا وقد صبغتم المكان ببعض من صِبغتكم، كونوا كالغيث أينما وقع نفع.
6-وقدروا قدر الأمانة التى تحملونها، وتيقنوا أن هذا الطريق بحاجة إلى وضوح رؤية، وفهم كامل للمنهج، وعمل دائم دائب متواصل، ولتؤمنوا يا إخوانى أنكم على هذا الطريق قد أبرمتم عهداً وعقداً مع الله عز وجل أنكم سوف تحيون بهذه الدعوة ليلاً ونهاراً، فارتباطكم بهذا الدعوة أبدى مصيري لا وقتى.
وأنكم تتاجرون مع الله عز وجل بكل رأس مالكم، وليس بعضه، فطبيعة هذا الطريق الشاق الذى سار فيه الرسل من قبلكم يتطلب منكم كلكم لا بعضكم، فلا تبخلوا بكل ما تملكون على دعوتكم وجماعتكم، وأبشروا ببيعكم وتجارتكم. (وَمَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ مِنَ اللَّهِ فَاسْتَبْشِرُوا بِبَيْعِكُمُ الَّذِي بَايَعْتُمْ بِهِ وَذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ).
7-كونوا على أتم الاستعداد لتلبية نداء الدعوة في كل وقت وحين، فأينما وحيثما وكيفما دعتكم الدعوة لبيتم سريعاً النداء قائلين: «لبيك دعوتى لبيك دعوتى»، «عمرى موقوف لك يا دعوتى».
8-عليكم بالحلم وسعة الصدر مع القريب والبعيد، الموافق والمخالف، فمن أروع ما قرأت في ذلك، أن سيدى أمير المؤمنين عمر بن عبد العزيز قام يصلي الليل في مسجد بني أمية، وكان السراج قد انطفأ، فاصطدمت قدماه برجل نائم، فقام النائم وقال: «أحمار الذي وطأني؟». قال عمر: «لا..أنا عمر بن عبد العزيز ولست حماراً».(1)، فانظروا إلى مدى التربية ومدى السيطرة على النفس إلى أى حد، فلم يغضب لنفسه، بل كان حليماً متسامحاً ليناً .
9-عليكم بصناعة التيار الشعبي المناصر لفكرتكم ومشروعكم الحضارى الإسلامى، فعلى الدعاة أن يعيدوا الناس إلى الصواب، واعلموا إن ذلك يأخذ زمناً كبيراً وجهداً عظيماً، واعلموا أن هذا التحدى من أعظم التحديات أمامكم، ولكنكم أنتم لها إن شاء الله. وليكن شعاركم، إذا اعترضتني العوائق نظرت إليها شزراً وقلت:
10-وأولا وأخيراً عليكم بالإخلاص، وللإمام حسن البنا – رحمه الله – قول في الإخلاص: «إن الإخلاص أساس النجاح، وإن الله بيده الأمر كله، وإن أسلافكم الكرام لم ينتصروا إلا بقوة إيمانهم وطهارة أرواحهم، وذكاء نفوسهم وإخلاص قلوبهم، حتى اختلطت نفوسهم بعقيدتهم، وعقيدتهم بأنفسهم ،فكانوا هم الفكرة وكانت الفكرة إياهم، فإن كنتم كذلك ففكروا، والله يلهمكم الرشد والسداد، واعملوا والله يؤيدكم بالمقدرة والنجاح».
نسأل الله عز وجل الثبات على طريق الدعوة، وأن يجعلنا أهلا لحمل دعوته حتى نلقاه، ونحن على هذا الطريق، غير مبدلين ولا مغيرين. والحمد لله رب العالمين.
———————
(*)كاتبة مصرية، نشرت لها مقالات أخرى فى الدعوة إلى الله.
Bakr Aziz
احسنتم احسن الله تاليكم
zadussaerin
جزانا الله وإياكم. وبارك الله فيكم