
البساطة.. رحيق الدعوة الأخّاذ
- zadussaerinweb@gmail.com
- مايو 27, 2021
- أخلاق وقيم تربوية
- 0 Comments
البساطة.. رحيق الدعوة الأخّاذ
نعم .. هي واللهِ المذاق الخاص لدعوتنا؛ ولا أكون مبالغاً إن قلت أنها هي السر الأكبر في جاذبيتها.
فقد تحدث الإمام حسن البنا – رحمه الله – طويلاً في رسالة التعاليم عن الدعوة وأركانها وأصول فهمها وواجبات العاملين فيها وفصل في ذلك وأبان وأجاد.
وفي ختام الرسالة اختصر الأمر فقال: «أيها الأخ الصادق : هذا مجمل لدعوتك، وبيان مودز لفكرتك، وتستطيع أن تجمع هذه المبادئ في خمس كلمات: (الله غايتنا، والرسول قدوتنا، والقرآن شرعتنا، والجهاد سبيلنا، والشهادة أمنيتنا). وأن تجمع مظاهرها في خمس كلمات أخرى: (البساطة والتلاوة والصلاة والجندية والخلق). فخذ نفسك بشدة بهذه التعاليم، وإلا ففي صفوف القاعدين متسع للكساليى والعابثين».
وأحسب أن الجميع مشتركون في التلاوة والصلاة والخُلُق؛ وأزعم أننا نتمايز بالبساطة والجندية.
والأخيرة علي أهميتها وعلو شأنها عندنا وفي مذهبنا التربوي إلا أنها تخيف الناظر أحياناً وتستهويه أحيانا أخري، وهي باب يلج منه مرضي النفوس وضعاف الفهم إن أرادوا مهاجمتنا وتخويف الناس منا،
ولكننا نتباهي أمام الجميع ببساطتنا وقد جعلناها عنوانا لفكرنا ومنهجنا وأسلوب تحركنا، فزال ما بيننا وبين الناس من حواجز، وتلاشت الأوهام، وتبخرت المخاوف، وظهرنا بطبيعتنا أمام الناس أنقياء وأصحاب فطرة سوية؛ وعرفَنَا الناسُ بذلك. فاقتربوا منا وأحبونا.
ما هي البساطة؟
هي البعد عن التعقيد وتأزيم الأمور والجنوح الآمن إلي الاستقرار والاقتراب من العفوية وما يتبع ذلك من انشراح صدر وراحة ضمير.
وكنتُ أتأمل كثيرا في اسم الله عز وجل الباسط وهو الاسم الدال علي أنه سبحانه الذي يَبْسُطُ الرزق لعباده ويوسّعه عليهم بجُوده ورحمته ويبسُط الأَرواح في الأَجساد عند الحياة! (كما قال في لسان العرب) – ولله المثل الأعلي – فأقول أننا في حاجة لأن يكون لنا نصيب من هذا الاسم الجليل وكم كان البنا عبقريا لما جعل البساطة مظهرا من مظاهر الدعوة.
ثم تقرأ فتجد في القاموس (رجل بَسِيطُ اليدين: مُنْبَسِطٌ بالمعروف؛ . وبَسِيطُ الوجهِ: مُتَهَلِّلٌ)
معروف وخير وبشر وتهلل وسعة. كلها وغيرها من مفردات البساطة الغائبة.
وأين نجدها؟
وتجدها هناك بوفرة في رحاب جيل التأسيس الأول. وجدتها عنوانا لشخصية الوالد والمربي الفاضل الحاج محمود شكري أحد قيادات الجماعة ومن الرعيل الأول المبارك – رحمة الله عليه – فهو رجل بسيط ولبساطته عمق يوقن به كل من عرف الرجل واقترب منه
1- بساطة في الكلام: فهو دائما يعي ما يقول، ويقول ما يعني، ولا يحب (اللف والدوران) ويتخير أيسر الطرق وأولوياته التربوية بادية ولا تخطئ أبدا.
2- بساطة في الاستماع: فتجده في الاستماع عدلا، لا يُحمل الكلام أكثر من طاقته، ولا يفسره بغير وجهه الحقيقي، وهو دائما أذن خير.
3- بساطة في القلب: فتراه يسبح في بحر من الزهد هانئ البال ومرتاح الضمير. يحب بصدق كل إخوانه. ويعرف معني الأخوة وله معها دقائق وأسرار.
4- بساطة في المظهر: يعيش علي منطق الضروريات، ولا يعرف معني التكلف، كأنه يود أن يتحرك بين إخوانه بكفن، وهو في هذا يسخر من الدنيا ومفاتنها. فلله در الرجل.
وهكذا هو – بارك الله في الرجل الصالح وختم له بخاتمة سعيدة – نحسبه كذلك ولا نزكي علي الله أحداً، كأنه شرح متحرك لرسالة التعاليم.
هل لك نصيب؟
أنت ترسم صورة دعوتك في أذهان الآخرين، فلا تجعل الصورة مشوهة بألوان متناقضة تمجها الأعين ويأباها الذوق الرفيع، ومفتاح الأمر بين يديك، وخذ من البساطة نصيب، ولا تعقد أمرك. بل كن هينا لينا بشا قريبا، تكن بسيطا.
والبساطة مع عمق الفهم الرشيد المزدان بآيات الله العزيز وصلاة خاشعة أوابة؛ تجعل صورة دعوتنا كالبدر ساعة التمام.