كل دعوة حق أو فكرة صدق لا بدَّ لها في طريق السير من فتن وعقبات، وصوارف ومنعطفات، حتى تنجلي معادن الرجال وتتمايز الصفوف وتتحقق الصفات.
ولأن السير يستلزم البذل فلا بد من التضحيات فهي معراج الدعوات، ولا بدّ من الصبر والثبات فبهما تنكشف الكربات، وقبل ذلك كله تعلق القلوب برب الأرض والسموات، عندئذٍ تتنزل البركات، وتتحقق الفتوحات، (وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ) العنكبوت 69.
وما علينا في هذه الأوقات بعد الصبر والثبات وتعلق القلوب برب الأرض والسموات إلا: إستفراغ الوسع وبذل الطاقات، والتوجه للمولى بخالص الدعوات، أن يجمع على الحق القلوب والكلمات، وأن يفرج كرب دعوتنا، ويفك أسر أحبتنا، ويجمع شمل أمتنا، إنه مجيب الدعوات.
وما بين عشية وضحاها إلا وقد تغيرت الأحوال، وتحققت الآمال، وانكشفت عن الأمة الغمة، وخرج الأحبة من البلاء أنقياء خروج السيف من الجِلاء، وعادت راية الحق والخير تُظل الناس. ولنا في سنن الدعوات وحوادث التاريخ العبر والعظات.