الخلفية التاريخية لكتاب (دعاة لا قضاة)

الخلفية التاريخية لكتاب (دعاة لا قضاة) – إعداد : موقع زاد السائرين
هذه شهادة للمستشار محمد المأمون الهضيبي سجلها مع الإعلامي المصري طارق حبيب أثناء حوار تليفزيوني معه.
ومن بين الأسئلة التي سألها الإعلامي طارق حبيب في هذا الحوار:
هل كان كتاب (دعاة لا قضاة) بمثابة رد على كتاب سيد قطب (معالم في الطريق)؟

فأجاب المستشار مأمون الهضيبي:
«إن كتاب
(دعاة لا قضاة) ليس ردًا على كتاب (معالم في الطريق)، لأن كتاب معالم في الطريق كتبه الأستاذ سيد قطب قبل فتنة التكفير داخل السجون بسنوات، وبسببه سُجن الأستاذ سيد قطب – رحمه الله.
وأنا أُشهد الله، أنه لما ظهرت أفكار التكفير في السجون في محنة 1965 أخبرني الأستاذ عمر التلمساني وأخبر غيري وفي أكثر من موقف، أنه سأل يوماً الأستاذ الشهيد سيد قطب عن هذا الأمر، فنفى الأستاذ سيد قطب ذلك، وأنه لا يؤمن ولا ينادي بهذا إطلاقًا، ونفى أن يكون قد دعا أو يدعو إلى تكفير أحد، ولكن الناس قد تُسيء فهم النصوص وتحملها ما لا تحتمل».

الخلفية التاريخية لكتاب (دعاة لا قضاة)
يحكي المستشار مأمون الهضيبي في حواره مع الإعلامي طارق حبيب:
«كتب محتوى هذا الكتاب ونحن في معتقل طرة السياسي، ففي أواخر 1968 تقريبًا فوجئنا ونحن معتقلين بحملة من إدارة من السجن، وعلمنا أنها بسبب ترتيب انتقال الأستاذ المرشد حسن إسماعيل الهضيبي من (سجن ليمان طرة) إلى (معتقل طرة السياسي)، وفعلًا أتوا به معنا، وكانت قضية التكفير مثارة بشكل حاد بين المعتقلين في تلك الأثناء، ما بين مؤيد ومعارض، والناس كانت متشوقة لمعرفة رأي الأستاذ المرشد في هذه القضية المثارة، ولا سيما أن أصحاب فكر التكفير كانوا يدّعون أن هذا الفكر وافق عليه فضيلة المرشد حسن الهضيبي واعتمده وأنه من فكر الإخوان المسلمين.

وظل الأستاذ المرشد معنا وكان يسمع من الجميع، وبعد فترة من السماع كان مستغربًا من أصحاب هذا النهج، وقال يومًا معقبًا: (نحن دعاة ولسنا قضاة) حتى نحكم على الناس ونقضي عليهم.

ولما عايش المرشد حسن الهضيبي هذه القضية عن قرب وسمع كل من ينادي بها، قال: «إن أصحاب هذا الفكر لهم مذهب ومرجعية وبالتالي لا يمكن الرد على دعواهم إلا بتفنيد مذهبهم من خلال بحث فقهي يتعلق بهذه المسألة يُحال إلى أهل الاختصاص في إعداده».

وبالفعل اجتمع على هذا البحث أهل الاختصاص من علماء الجماعة داخل معتقل طرة السياسي، واستغرق العمل في إنجازه نحو سنة، وكان المكلفون بعمل هذا البحث يعملون تحت إشراف فضيلة المرشد حسن إسماعيل الهضيبي بنفسه، وكان يتابعهم ويراجعهم فيما يكتبون أولًا بأول وكلمة بكلمة، إلى أن انتهى الأمر.

فأخذ الأستاذ المرشد البحث وجمع بنفسه أصحاب فكر التكفير داخل السجن وأعطاه لهم، وقال لهم: «أنا مسئول عن كل كلمة فيه». وطلب من بعض الإخوان توصيل نسخ كتبت بخط اليد إلى بقية الإخوان في السجون الأخرى، حتى يعرف الجميع الموقف الرسمي للجماعة تجاه هذا الفكر الغريب عليها.

وبعد وفاة الأستاذ المرشد حسن إسماعيل الهضيبي عام 1973م وخروج الإخوان من السجون بفترة ظل هذا البحث بأيدينا دون أن يُطبع وينشر، إلى أن تجددت في الساحة دعاوى التكفير مرة أخرى، عندئذ رأت الجماعة أن يُطبع البحث في كتاب ويصدر للناس من أجل هدفين:
الأول: هداية للناس عمومًا.
الثاني: التأكيد على فكر الإخوان المسلمين ونفيهم لهذا الفكر وبعدهم التام عنه.

فاجتمعنا من أجل هذا الأمر، وطرح سؤال: (بما نسمي هذا الكتاب؟) فوردت على أذهاننا عبارته -رحمه الله- التى قالها في المعتقل: (نحن دعاة ولسنا قضاة)، فاتفقنا على تسمية هذا البحث (دعاة لا قضاة)، وطُبع ونشر باسم فضيلة المرشد حسن الهضيبي – رحمه الله، وأصبح الكتاب المعتمد عندنا في تاصيل فكر الإخوان في هذه القضية.

ولم يكن هذا الكتاب ردًا على كتاب (معالم في الطريق) الذي كتبه فيلسوف الدعوة وشهيد الظلال الأستاذ سيد قطب، ونحن نوهنا في مقدمة الكتاب على ذلك، بأن هذا الكتاب ليس ردًا على أحد، ولكنه بمثابة تأكيد على فكر ومنهج الإخوان المسلمين في هذا الأمر

اترك تعليقا