القائد وصِفة سلامة الصدر

القائد وصِفة سلامة الصدر – د. محمد حامد عليوة
مما لا شك فيه أن من بين الصفات التى يجب على القائد أو المسئول أن يتمتع بها نحو أتباعه ومرؤوسيه؛ أن يكون سليم الصدر. والإسلام بمنهجه التربوي وحكمته البالغة في صياغة النفوس وتربيتها أكد على أهمية سلامة الصدر من الضغائن والأحقاد.

وقد اعتبر الإمام حسن البنا – رحمه الله – أن سلامة الصدر من الأحقاد من أدنى علامات تحقق الأخوة بين المسلمين، حين تحدث عن الأخوة بين العاملين للإسلام واعتبرها ركنا من أركان الانتماء للدعوة، وذكر أن الأخوة أخت الإيمان والتفرق أخو الكفر، وأن الأخوة مراتب أدناها (سلامة الصدر من الأحقاد)، وأعلاها (الإيثار).

وإذا كان الإسلام قد جعل صفة (سلامة الصدر من الأحقاد) مطلوبة من جميع المسلمين باعتبارها دليل من دلائل تحقق الأخوة الإسلامية، فهي في حق القائد والمسؤول أوجب وألزم، ولنا في رسولنا القدوة والأسوة، فقد كان ﷺ لا يحب أن ينقل إليه أحد شيئاً عن أصحابه، مخافة أن يتغير قلبه نحو أصحابه، ففى الحديث: «لا يبلغني أحد عن أصحابي شيئاً فإني أحب أن أخرج إليهم وأنا سليم الصدر». وإذا كان هذا هو حال رسول الله مع هذا الأمر، فما بالنا نحن معه.!

تعجلوا شيئًا من نعيم الجنة
تدبرت قول الله تبارك وتعالى: ﴿وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِم مِّنْ غِلٍّ إِخْوَانًا عَلَىٰ سُرُرٍ مُّتَقَابِلِينَ﴾.
فقلت: هذا في الجنة، فكيف إذا خلت الصدور من الغلّ في الدنيا، وكانت النفوس سليمة من الضغائن والأحقاد؟
عندها نحيا في الحياة الدنيا حياة أهل الجنة، حياة الصفاء والنقاء.

ورحم الله الفضيل ابن عياض حين أجاد فقال: «من أُوتِيّ صدرًا سليمًا لإخوانه فقد تعجل شيئًا من نعيم الجنة».
لهذا جعل الإمام البنا (سلامة الصدر من الاحقاد) أدنى مراتب الإخوة، والنزول عنها والتفريط فيها أمر خطير.

وقد ذكر الشيخ حمد حسن رقيط – حفظه الله -، في كتابه القيم (المسؤولية الإدارية في الإسلام) ما يلي:
وحتى تتحقق صفة سلامة الصدر لدى المسؤول وتترك آثارها على العمل لا بد من مراعاة الأمور التالية:
أولًا: لا بد أن يتثبت المسؤول من نقل الناس إليه حتى لا يأخذ غيره بالريبة والظنة، لقوله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَن تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَىٰ مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ (6)). – الحجرات
ثانيًا: ألاَّ يسمح للوشاة والنمامين أن ينطلقوا في غيبة الناس في مجلسه أو مكتبه أو إدارته فإن ذلك مفضٍ إلى إغارة الصدر، لقوله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِّنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ ۖ وَلَا تَجَسَّسُوا وَلَا يَغْتَب بَّعْضُكُم بَعْضًا ۚ أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَن يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ ۚ وَاتَّقُوا اللَّهَ ۚ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَّحِيمٌ (12)). الحدرات
ثالثًا: أن يجعل المسؤول من الصالحين والأتقياء أعوانًا له ومستشارين يدلونه على الخير ولا يذكرون الناس بسوء إلا ما اقتضته مصلحة العمل.

اترك تعليقا