اللهم استرنا بسترك الجميل

اللهم استرنا بسترك الجميل – زاد السائرين
نقف اليوم مع دعاء يُكتب بماء الذهب، أورده الإمام شمس الدين الذهبي في مؤلفه القيم (سير أعلام النبلاء)، وهو يستعرض سيرة إمام من الأئمة الأعلام وهو المحدث الزاهد
أبو الوقت عبد الأول بن عيسى بن شعيب. (المولود في 458هـ)، (والمتوفى في 553هـ).

يروى أحد تلاميذه وهو المحدث يوسف بن أحمد الشيرازي (المتوفي في 585هـ) حواراً دار بينهما حين ذهب إلى شيخه أبو الوقت يطلب العلم والحديث: لما رحلت إلى شيخنا رحلة الدنيا ومسند العصر أبي الوقت، قدر الله لي الوصول إليه في آخر بلاد كرمان، فسلمت عليه، وقبلته، وجلست بين يديه، فقال لي: ما أقدمك هذه البلاد؟ قلت: كان قصدي إليك، ومعولي بعد الله عليك، وقد كتبت ما وقع إلي من حديثك بقلمي، وسعيت إليك بقدمي، لأدرك بركة أنفاسك، وأحظى بعلو إسنادك.
فقال: وفقك الله وإيانا لمرضاته، وجعل سعينا له، وقصدنا إليه، لو كنت عرفتني حق معرفتي، لما سلمت علي، ولا جلست بين يدي، ثم بكى بكاء طويلا، وأبكى من حضره، ثم قال: اللهم استرنا بسترك الجميل، واجعل تحت الستر ما ترضى به عنا.

ومما يُستفاد من هذا الدعاء وهذا الموقف ما يلي:
أن التواضع من شيم العلماء الربانيين، الذين يستقلون أعمالهم وجهودهم في جنب الله تعالى.
أن أهل العلم الصادقين أصحاب قلوب وجلة، دائمًا يراقبون أنفسهم، ويكرهون المدح والثناء الذي قد يُبطل أعمالهم ويُضيع جهودهم، كما أنهم يخشون العُجب والتفاخر الذي قد توسوس به النفس لما بلغوا من علم واسع يجعل الناس يقبلون عليهم لطلبه من كل مكان، ويُشار إليهم فيه بالبنان.

اترك تعليقا