الوفاء ببيعتنا والعطاء لدعوتنا – بقلم: الدكتور محمد حامد عليوة
البيعة عهد وميثاق يعطيه صاحبه طائعا مختارًا مستسلمًا لربه، مدافعًا عن دينه، مضحيًا لدعوته؛ لأنه حين انتمى للدعوة وارتضاها وسيلة يتقرب بها إلى خالقه، فقد أوجب على نفسه الوفاء بالبيعة ومتطلباتها من البذل والعطاء ﴿وَأَوْفُوا بِالْعَهْدِ إِنَّ الْعَهْدَ كَأنَ مَسْئُولًا﴾، وإلا فلا انتماء لمن لا وفاء له، ولا تضحية لمن لا عطاء له.
وحقيقة البيعة أنها مع الله، حتى تتحرر من أي ولاءات شخصية أو حسابات مادية. ﴿إِنَّ الَّذِينَ يُبَأيِعُونَكَ إِنَّمَا يُبَأيِعُونَ اللهَ﴾.
ولقد قامت الدعوة على تضحيات كبيرة، قدمها السابقون، والذين جاءُوا من بعدهم لازالوا على الدرب أوفياء لعهدهم مع الله رغم كثرة الخطوب ووعورة الدروب، ﴿فَمَا وَهَنُوا لِمَا أَصَأبَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَمَا ضَعُفُوا وَمَا اسْتَكَأنُوا﴾.
إنها بيعة مع الله لا تنفك، وعهد وميثاق لا يُنقض، ومن عاهد وبايع لا بدَّ أن يعطي ويوفي وهذا هو صدق الانتماء، ولا انتماء لمن لا وفاء له، ﴿وَأَوْفُوا بِالْعَهْدِ إِنَّ الْعَهْدَ كَأنَ مَسْئُولًا﴾ الإسراء 34. (وَمَنْ أَوْفَىٰ بِعَهْدِهِ مِنَ اللَّهِ ۚ فَاسْتَبْشِرُوا بِبَيْعِكُمُ الَّذِي بَأيَعْتُم بِهِ وَذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ). التوبة 111.
إن صاحب الدعوة الصادق بين حالين: (وفاء ثابت .. وعطاء لا ينقطع) فما أجمل (الوفاء)، وما أعظم (العطاء). لذلك كان من بين أهداف المنهج التربوي للفرد (أن يتحقق بالأركان ويلتزم بالواجبات). فما أحوجنا إلى التحقق بالأركان (وفاءً)، والالتزام بالواجبات (عطاءً). وليكن شعارنا المعبر عن هذا المعني: (الوفاء ببيعتنا. والعطاء لدعوتنا). وحينما نحيا هذه المعاني وتُلازمنا هذه الأحوال، فإنها البشرى والفوز العظيم، (فَاسْتَبْشِرُوا بِبَيْعِكُمُ الَّذِي بَأيَعْتُم بِهِ ۚ وَذَٰلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ). اللهم ارزقنا الوفاء ولا تحرمنا العطاء.
وختاماً: نسال الله سبحانه أن يجعلنا من أهل دعوته الصادقين الاوفياء، الذين يراعون مبادئها، ويحرسون ثوابتها، ويحافظون على نُظمها وقيمها، ويبذلون الجهد في تطويرها وتحسين أدائها، وينصحون لها بصدق، ويراعون على طريقها الود والفضل. وألا يكون حالنا مع دعوتنا ومع ما بايعنا الله عليه: (كَالَّتِي نَقَضَتْ غَزْلَهَا مِن بَعْدِ قُوَّةٍ أَنكَاثًا). اللهم آمين، والحمد لله رب العالمين.