بين الإمام حسن البنا والأستاذ سيد قطب

بين الإمام حسن البنا والأستاذ سيد قطب

بقي أن نقدم مقارنة بين عطاء الشهيدين حسن البنا وسيد قطب للإسلام وللحركة الإسلامية، فلا مجال للمفاضلة بين الرجلين، إذ أن الشهيد سيد قطب يقول ويشهد للإمام حسن البنا بالأستاذية، ويعترف له بفضل السبق إلى ميدان العمل والبناء.
وما خطر بباله أن يأتي اليوم الذي يرضى فيه الرجل لنفسه أن يقدم على الإمام الشهيد
البنا العبقرى في أى مجال.

وهذا ما أورده الشهيد سيد قطب في كتابه (دراسات إسلامية) حيث تحدث عن البنا وعبقرية البناء، ويحسن أن نورد هنا ما سجله الأستاذ يوسف العظم حول هذه المقارنة في كتابه عن الشهيد سيد قطب فيقول: –
«يمضى الشهيد على طريق الأدب أولاً والفكر ثانياً والالتزام بأمور الدين والفرائض ثالثاً، بينما بدأ حسن البنا حياته ملتزماً بروح الدين وتكاليف الشرع، حتى إنه أنشأ وهو ما
زال على مقاعد الدراسة جمعية الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.»

وإذا كان حسن البنا قد انصرف إلى الأنفس يدعوها إلى التطهر، والقلوب يدعوها إلى التآلف، فقد انصرف سيد قطب ابتداء إلى العقول يدعوها إلى الاستنارة والتبصر والتدبر والنظر فيما حولها وما يراد بها من مكر الأعداء وتآمر الدخلاء الذين يحملون أسماءنا وينطقون الحروف العربية كما ننطقها في حياتنا اليومية مساء وصباحًا.

لقد انصرف حسن البنا لجمع الشباب وتوعيتهم وتنظيمهم حول صفاء العقيدة وشمول الإسلام وصلاحيته للحكم ومعالجة شئون الحياة مستمداً من الكتاب والسنة قواعد أساسية عامة أقيم عليها تنظيم الجماعة.

أما سيد قطب فقد لقي جيلاً منظماً، وشباباً متوثباً، وجماعة واعية فراح يعمق مناهجها ويبلور أهدافها وغاياتها وفق أحكام الإسلام متخذاً من القرآن الكريم منطلق منهاجه حتى صار رجل الفكر الأول ليس في الجماعة وحدها بل في العالم الإسلامي كله.

كان حسن البنا مهندس الجماعة وبانيها، وكان سيد قطب نبعها الثري بزخم فكري نير، وعطاء من نور الإيمان، يقدمه منهاج حركة ومنهاج حياة، لجماعة عملت منذ وجدت بتطبيق شرع الله في الأرض، واستئناف الحياة الإسلامية رغم كل الظروف القاسية والمؤامرات المريبة التي لا ترحم.
لقد كان حسن البنا البذرة الصالحة للفكر الإسلامى، وكان سيد قطب الثمرة الناضجة لهذا الفكر المستنير.

ولئن كان الشهيد سيد قطب قد زرع في كل بيت كتابا ينير العقل وفكر تهتدي به الأجيال
فقد زرع الشهيد حسن البنا في كل ميدان رجلاً وفي كل حقل داعية يعطي المثل الحي على أن الإسلام حين تحمله القلوب الصادقة في الصدور العامرة يحيلها أقباساً وضيئة، ومشاعل على الدرب، وعنا وين على البذل والعطاء.
لتكون كلمة الله هى العليا أبداً، وجند الشيطان الخاسرون إلى بوار.

لقد قدر للرجلين أن التقيا في عام الولادة، وأن يلتقيا في ساح الشهادة، بأن يسقط كل منهما على يد طاغية أرعن وجندي من جند الشيطان.
والرجاء في رحمة الله كبير بأن يغمرهما بفضل منه وأن يجمعهما في مستقر رحمته في مقعد صدق عند مليك مقتدر.
————————-

اترك تعليقا