توجيهات على طريق الدعوة

توجيهات على طريق الدعوةللشيخ الشهيد محمد بوسليماني

هذه بعض التوجيهات الدعوية والوصايا التربوية لشهيد الدعوة، الشيخ محمد بوسليماني -رحمة الله عليه-، وهو أحد قامات وعلامات الحركة الإسلامية في الجزائر، ورمز الوسطية والاعتدال في فكره وحركته طوال حياته وعند مماته، وثالث ثلاثة من المؤسسين الأوائل للحركة الإسلامية في الجزائر (الشيخ محفوظ نحناح – الشيخ محمد بو سليماني – الشيخ مصطفي بلمهدي)، رحمة الله على الجميع. ويسعد موقع زاد السائرين بنشر هذه التوجيهات التربوية للشيخ محمد بوسليماني – رحمة الله عليه.

وهذه بعض وصاياه وتوجيهاته: 

1- كل مسلم يعيش فوق هذه الأرض هو من أجل رسالة، يتحرك حاملا أمانة، ولن يستطيع تبليغ هذه الرسالة لأصحابها إلا إذ عاش الإسلام الصحيح، ولا يمكن أن يقوى على هذه الأمانة إلا إذا حركته حرقته على الدعوة برصيد قوي من التوكل على الله.

2- الدعوة إلى الله سائرة، والدعوة على كتاب الله تتبع طريقها، لأنها لا ترتبط بالأشخاص ولا بالأفراد، وهؤلاء الدعاة ما هم إلا وسائل لدفع دعوة الله.

3- كن مع الله يكن معكم، واتحدوا يا إخوة الإيمان، إن العدو لا يتوقف عن مطاردتكم مادمتم مستمسكين بكتاب الله وبسنة الله رسوله .

4- تحابوا فيما بينكم، واحرصوا كل الحرص على رابطتكم، فهي سر قوتكم، كونوا كالجسد الواحد إذا ابتعد عنك أخوك تخشى كان جزء عزيزا فقد منك.

5- إن الشعب الجزائري هويته العربية والإسلامي وهو يشق طريقه ليرتبط بمصدر المنبع والمنطلق (إقرأ) بغار حراء غير أن أعداءه بالأصالة والعمالة خلطوا بين باديس وباريس بل اختلطت عليهم ثقافة إيليزي مع ثقافة الإليزي.

6- اعتمدوا على الله وثِقوا فيه فلا تخافوا غيره ولا ترهبوا سواه، أدوا فرائضه واجتنبوا نواهيه، كونوا أقوياء بأخلاقكم أعزاء بما وهب الله لكم من عزة المؤمنين وكونوا عاملين واتقوا الجدل.

7- جسدوا معاني الحب في الله فيما بينكم؛ لتصلوا إلى ما وصلوا إليه الصحابة والسلف الصالح.
8- إعلم يا بني أن في الإسلام بابين، باب العمل وباب الأخوة، فإذا اختلفنا في العمل وأقفلنا الباب الأول، فلابد أن يبقى الباب الثاني مفتوحاً.

9- أربع مهلكات للفرد: «أنا – وإني – ولي – وعندي».

10- أحسن وأروع عملية يقوم بها الإنسان في الحياة هي الكلمة الطيبة، فهي عمل حركي ويأتي الضابط الشرعي في المفهوم الإيجابي (إلى الله)، فمن لم يدع إلى الله كان هذا العمل الحركي مرفوضاً.

وصية شهيد الدعوة الشيخ محمد بوسليماني

كتب الشهيد محمد بوسليمانى وصيته، وخص بها شباب الدعوة الاسلامية، وركز فيها على الوحدة، والثقة في الله سبحانه وتعالى، والايمان بنصر الله، فيقول رحمة الله عليه – في وصيته: (هذه وصيتي إليكم):

الثقة في الله: اعتمدوا على الله وثقوا فيه فلا تخافوا غيره ولا ترهبوا سواه، أدّوا فرائضه واجتنبوا نواهيه، كنوا أقوياء بأخلاقكم أعزاء بما وهب الله لكم من عزة المؤمنين، كونوا عاملين واتقوا الجدل.

تحابوا فيما بينكم واحرصوا كل الحرص على رابطتكم فهي سر قوتكم. جسدوا معاني الحب في الله فيما بينكم. لتصلوا إلى ما وصل إليه الصحابة والسلف الصالح.
كنوا كالجسد الواحد إذا ابتعد عنك أخوك تخشى كأن جزء عزيزاً قد فقد منك.

أمانة أوصيكم بها خير: الدعوة إلى الله هي من أطيب الكلمات التي يتبادل الناس قولها في الأرض وثمارها من أحسن ما يصعد إلى السماء، فالدعوة عمل صالح يجسد صدق الكلمة على أرض الواقع فالإسلام لله إيمان وعمل لله.

* الدعوة إلى الله تحتاج إلى الاستسلام الكلي لله والإخلاص له.
* الدعوة إلى الله رفض للجاهلية بكل أشكلها: فكرا وخلقا ونظاما وشريعة وبناء مجتمع مسلم على قواعد سليمة من كتاب الله وسنة نبيه.
* الدعوة إلى الله تحقق أسمى معاني الوجود وهي عبادة الله (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُون) الذاريات الآية: 56.
* الدعوة تعمل على التمكين لدين الله في الأرض وإيجاد الفرد المسلم المتميز عن غيره في المظهر والمخبر والأسرة المسلمة بأركان سليمة بكل ترابط وتعاون وتناصح: «مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم كمثل الجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى» . وتحقق للمسلم الحرية في القول والفعل والرأي، والسياسة ليعيش في سلام.
محمد بوسليماني

—————————-

(*) الشيخ محمد بوسليماني، من أعلام الحركة الإسلامية فى الجزائر (الإخوان المسلمين)، ورفيق الشيخ محفوظ نحناح، فى الدعوة والكفاح. 

ولد في 05 مايو 1941م بأحد أحياء البليدة العريقة وهو حي الدردارة. كان والده سليمان متأثرا بالحركة الإصلاحية والشيخ الطيب العقبي على الخصوص. تعلم بمدرسة (الإرشاد) بمدينة البليدة التي كانت تحت تأثير الحركة الوطنية الجزائرية. ساهم منذ صغره في إعالة عائلته إلى جانب والده في التجارة والبناء مما ولد في نفسه الشعور بالمسؤولية مبكرَاً .

اشتغل أستاذا منتدبا للتوجيه الديني لدى الإدارة المركزية لوزارة الشؤون الدينية منذ سنة 1981م إلى أن استشهد. وكان عضوا مؤسسا لرابطة الدعوة الإسلامية (1991م). ترك بصماته منقوشة في المساجد والمدارس والشارع الجزائري العريض فكان من رواد الدعوة إلى الله منذ أواسط الثمانينات. كون علاقة وطيدة وحميمة بعلماء الإسلام داخل الجزائر وخارجها، من خلال مشاركاته في مؤتمرات إسلامية بأوربا وآسيا وأمريكا.

ترأس جمعية الإرشاد والإصلاح الوطنية، فشهدت تحت إشرافه نمواً وإزدهاراً فى برامجها وأنشطتها.

ولم يمنعه إهتمامه بقضايا الجزائر والجزائريين، أن يشارك أبناء الأمة العربية والإسلامية في قضاياها المصيرية وعلى رأسها قضية فلسطين التي كان يعتبرها القضية العقيدية والمركزية لأمة العرب والمسلمين , وأهتم كذلك بالأقليات الإسلامية في بلاد الغرب فكان يزورها ويدعمها لتتشبث بهويتها ودينها.

أحد مؤسسي حركة المجتمع الإسلامي (حمس) 1990م وكان مع إخوانه في الحركة من دعاة التفاهم والحوار والتلاقي ونبذ العنف والفرقة والتضاد.

في يوم الجمعة 26-11-1993م وفي حدود الساعة السادسة والنصف بعد صلاة الفجر والشيخ بوسليماني يتلو ورده من القرآن الكريم، إذ اقتحم منزله مسلحون أربعة  ينتمون إلى الجماعة الإرهابية المسلحة، فخطفوه إلى وجهة مجهولة . ضغطوا عليه ليصدر فتوى تستباح بها الدماء فرفضها. أغروه ليكون عليهم أميرا فرض. حاجهم فاقتنع بعض الأفراد منهم، فانتفض أمير الجماعة الإرهابية وقال إن بقي هذا الرجل مع أفراد جماعتي فإنهم ينقلبون ضدي بقوة دليله وحجته في بطلان قتل المسلمين فأمر فورا بنقله إلى منطقة أخرى، وهناك أمر بذبحه في مشهد دموي رهيب وفاضت روحه إلى بارئها . 

دفنه الإرهابيون في أعالي جبال العفرون وأراد الله سبحانه وتعالى أن يعرف قبره، فاكتشف أحد السكان القبر وأعلم السلطات بذلك، وفي يوم الأحد 30-1-1994م في مظهر مهيب في مدينة البليدة شيع جثمانه حوالي 250 ألف شخص لم ترى المدينة مثلها على مر التاريخ. رحمة الله على الشهيد (ذو القبرين) محمد بوسليماني.

اترك تعليقا