دائرة العلاقات الإسلامية (وهدف تحقيق الوحدة الإسلامية)

دائرة العلاقات الإسلامية – (وهدف تحقيق الوحدة الإسلامية):

الوحدة الإسلامية:
يرى الإخوان في التجمع العربي حلقة وسيطة من حلقات النهضة المطلوبة بين الوطنية والوحدة الإسلامية كما يقول الإمام حسن البنا: «كما يؤيد الإخوان الوحدة العربية باعتبارها الحلقة الثانية في النهوض». وهي عندهم ضرورية لتحقيق الاستقلال السياسي والحرية.

والإسلام في فهم الإخوان المسلمين جاء وضمن أهدافه العليا السامية القضاء على الفوارق النسبية بين الناس. فالله تبارك وتعالى يقول (إنما المؤمنون أخوة). والرسول عليه السلام يقرر «المسلم أخو المسلم». «والمسلمون تتكافئ دماؤهم ويسعى بذمتهم أدناهم وهم يد على سواهم». فالإسلام والحالة هذه لا يعترف بالحدود الجغرافية ولا يعتبر الفروق الجنسية والدموية ويعتبر المسلمين جميعا أمة واحدة ويعتبر الوطن الإسلامى وطنا واحدا مهما تباعدت أقطاره وتناءت حدوده.

والإخوان يقدسون هذه الوحدة ويؤمنون بهذه الجامعة ويعملون لجمع كلمة المسلمين وإعزاز أخوان الإسلام وينادون بأن وطنهم هو كل شبر أرض فيه مسلم يقول (لا إله إلا الله محمد رسول الله) وما أروع ما قال فى هذا المعنى شاعرهم:

ولست أدرى سوى الإسلام لى وطنا .. الشام فيها ووادى النيل سيان
وكلمـــا ذكر أسم الله فى بلــد .. عددت أرجاءه من لب أوطـانى

وقد يجادل البعض فيقول: «إن ذلك غير ممكن والعمل له عبث لا طائل تحته ومجهود لا فائدة منه، وخير للذين يعملون لهذه الجامعة أن يعملوا لأقوامهم ويخدموا أوطانهم الخاصة بجهودهم.
والجواب على هذا: أن هذه الأمم كانت من قبل متفرقة ومتخالفة في كل شيء: في الدين واللغة، والمشاعر والآمال والآلام، فوحدها الإسلام وجمع قلوبها على كلمة سواء، وما زال الإسلام كما هو بحدوده وبرسومه، فإذا وجد من أبنائه من ينهض بعبء الدعوة إليه وتجديده في نفوس المسلمين، فإنه يجمع هذه الأمم جميعًا من جديد كما جمعها من قديم، والإعادة أهون من الابتداء، والتجربة أصدق دليل على الإمكان».(رسالة المؤتمر الخامس).

والجماعة وهي تدرك أننا نعيش في عالم من التكتلات الإقليمية والدولية يقتضي أن تحول هذه الأماني إلى مؤسسات وأنظمة تغير من واقع المسلمين على الأرض، وتمكنهم من التعامل مع تكتلات اليوم بنفس المنطق والأساليب، كتلة إسلامية عالمية تتشابك علاقاتها السياسية والاقتصادية والثقافية والاجتماعية، في إطار محكم ومتطور من التنظيم والفعالية تساعد المجتمعات الإسلامية على التخلص من تخلفها، وتساهم بإيجابية في تطور مسيرة الحياة البشرية، وتعتمد الحوار الحضاري بدلا من الصراع في التعامل مع الآخرين.

ومع تكتل الدول الإسلامية واتحادها أشار الإمام الشهيد إلى دائرة أوسع من التجمع تشمل الأمم الشرقية في مواجهة دول الاستعمار الغربي، وبذلك تنشأ دائرة أوسع من التأثير والتعاون والتنسيق والتجمع من بلدان العالم المختلفة، جوهر هذا التكتل وقيادته للأمة الإسلامية، ترسى فيه دعائم الحق والمساواة وتعمل قيم الإنسانية والتعارف والتعاون، وتواجه أطماع الدول الاستعمارية.

وكان الإمام الشهيد أول من نادى بسياسة عدم الانحياز والحياد الإيجابى، وقد توجه بهذا في خطاباته للملوك والرؤساء العرب.
وهذا التكتل العالمى الدولى لا يهدف الصراع أو إذكاء الحروب، وإنما هدفه السلام العالمى القائم على الحق والعدل، ومواجهة العدوان والظلم والأطماع المختلفة من الدول العظمى، وحماية الدول الضعيفة والنمو بها وبناء الحضارة الإنسانية العالمية التي أرسى الإسلام معالمها ومبادئها في الأرض؛ لينعم بها كل البشر.

كما يستهدف الإخوان المسلمون في هذه المرحلة العالمية تقويم وإصلاح المؤسسات الدولية مثل الأمم المتحدة ومجلس الأمن وما شابهها من مؤسسات؛ لتخرج من سيطرة قوى الاستعمار والإمبريالية واليهودية، والتي أفرغتها من مضمونها وجعلتها خادمة لمصالح هذه القوى وألعوبة في يد أمريكا واليهود.
ولنكون بحق مؤسسات تعبر عن قيم الحق والعدل، وحينها سيكون لتكتل الدول الإسلامية والشرقية من الآليات ما يمكنها من إحداث هذا التغيير الدولى المنشود، والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون.

وهذه الرابطة الشرقية ليست تحزبا ضد الغرب، وإنما هي عاطفة وتعاون وتكتل دولى يشمل كل الدول التي تقبل التعاون، وتقيم علاقتها على أساس العدل والمساواة.
يقول الإمام الشهيد – موضحا ذلك ومبينا موقف الدعوة من الصراع بين الشرق والغرب:
«يهتف بعض الناس بعد هذا بالوحدة الشرقية، وأظن أنه لم يثر هذه النعرة في نفوس الهاتفين بها إلا تعصب الغربيين لغربهم وسوء عقيدتهم في الشرق وأبنائه، وهم في ذلك مخطئون، وإذا استمر الغربيون على عقيدتهم هذه فستجر عليهم الوبال والنكال، والإخوان المسلمون لا ينظرون إلى الوحدة الشرقية إلا من خلال هذه العاطفة فقط، والشرق والغرب عندهم سيان إذا استوى موقفهما من الإسلام، وهم لا يزنون الناس إلا بهذا الميزان».

ويقول أيضا: «والشرقية لها في دعوتنا مكانها، وإن كان المعنى الذي يجمع بين المشاعر فيها معنى وقتيا طارئا، إنما ولده وأوجده اعتزاز الغرب بحضارته وتعاليه بمدنيته، وانعزاله عن هذه الأمم التي سماها الأمم الشرقية وتقسيمه العالم إلى شرقى وغربى. هذا المعنى الطارئ هو الذي جعل الشرقيين يعتبرون أنفسهم صفا يقابل الصف الغربي، أما حين يعود الغرب إلى الإنصاف ويدع سبيل الاعتداء والإجحاف فتزول هذه العصبية الطارئة وتحل بمحلها الفكرة الناشئة، فكرة التعاون بين الشعوب على ما فيه خيرها وارتقاؤها». رسالة: دعوتنا في طور جديد، ص231

اترك تعليقا