زُمرة القلب الواحد

زُمرة القلب الواحدبقلم: د. محمد حامد عليوة

«إن أهم ما يتميز به أبناء الدعوة أنهم زمرة القلب الواحد، وكتلة من المشاعر والعواطف المتحركة، حيث ترتبط قلوبهم وإن تباعدت أجسادهم.
إنها نعمة الأخوة سر الوحدة والقوة، والتي إن ضعفت وفقدنا العمق القلبي والرباط الأخوي؛ سنفشل ونتنازع وتذهب ريحنا.
فلنحافظ على هذه الرابطة، فيُكمل منا القوي نقص الضعيف، ويشد الضعيف منا عضد القوي، (سَنَشُدُّ عَضُدَكَ بِأَخِيكَ)، فيقوى البناء بتماسك لبناته.»

وقد عبر الإمام حسن البنا -رحمه الله- أصدق التعبير حول رابطة الأخوة ونعمة الحب في الله، فكتب يوماً في أحد مقالاته التي نشرت بجريد الإخوان المسلمين، بتاريخ 24 شوال 1362هـ – الموافق 23 أكتوبر 1943م. فقال:

«أيها الإخوان: ثم أوصيكم بعد ذلك بأن تحرصوا الحرص كله على نعمة الحب في الله، التي ألف الله بها بين أرواحنا وربط بها بين قلوبنا، وجعلنا بها إخوة فيه، فليس الإيمان إلا الحب والبغض، وما كانت قوة بغير وحدة وما كانت وحدة بغير توافق ومحبة، وإنها لنعمة من الله كبرى علينا نحن الإخوان أن ألف بين قلوبنا هذا التأليف،..،

فاحمدوا الله واشكروه على هذه النعمة، بالمحافظة عليها، وجعلها فيما بينكم معنى عملياً يدعو إلى التزاور والتناصر والتعاون والتكاتف على شئون الحياة ومطالبها، والتناصح بما فيه خير معاشكم ومعادكم، وصلاح دنياكم وآخرتكم إن شاء الله.» 

نعم.. إنها الأخوة سِرُ القوة، وأساس الوحدة وسبيل العِزة. والتي عبر عنا الشهيد عبد القادر عودة -رحمه الله- في بيانه التاريخي (هذا بيان للناس) حيث قال:

«ولن يضر الدعوة شيء أن تغلق دورها وتعطل منابرها، مادام كل منكم قد جعل للدعوة من قلبه داراً، ومن نفسه حصناً، ومن كان قادراً على القول فكل مكان له منبر.

وستظل الدعوة بإذن الله، حية قوية، لها اعتبارها ولها كرامتها، مادمتم متماسكين، مترابطين متحابين، صابرين، مصابرين، وانتظروا بعد ذلك تأييد الله وتوفيقه ونصره، ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ﴾ آل عمران: 200، والله أكبر ولله الحمد.»

نعم.. إنها الأخوة التي حولها الإخوان المسلمون فعلياً من دائرة الشعارات إلى ميدان الممارسات، ومن مستوى العواطف إلى  مستوى المواقف، سواء فيما بينهم، أو فيما بينهم وبين أقوامهم وشعوبهم ومجتمعاتهم.

تأملوا قول الإمام حسن البنا، وهو يصور لنا مشاعر الإخوان المسلمين تجاه قومهم، والتي عبرها عنها أبلغ التعبير وأصدقه في (رسالة دعوتنا)، فقال – رحمه الله:

«ونحب أن يعلم قومنا أنهم احب إلينا من أنفسنا، وأنه حبيب إلى هذه النفوس أن تذهب فداء لعزتهم إن كان فيها الفداء، وأن تزهق ثمنا لمجدهم و كرامتهم ودينهم وآمالهم إن كان فيها الغناء، وما أوقفنا هذا الموقف منهم إلا هذه العاطفة التي استبدت بقلوبنا وملكت علينا مشاعرنا، فأقضت مضاجعنا، وأسالت مدامعنا، وإنه لعزيز علينا جد عزيز أن نرى ما يُحيط بقومنا ثم نستسلم للذل أو نرضى بالهوان أو نستكين لليأس، فنحن نعمل للناس في سبيل الله أكثر مما نعمل لأنفسنا، فنحن لكم لا لغيركم أيها الأحباب، ولن نكون عليكم في يوم من الأيام».

———————————

اترك تعليقا