
فظلم العباد شديد الوخم
- zadussaerinweb@gmail.com
- ديسمبر 2, 2021
- أخلاق وقيم تربوية
- 0 Comments
فظلم العباد شديد الوخم
إنّ الظلم خزي وعار، وسبيل إلى الهلاك والدمار، وسبب في خراب القرى والديار، موجب للنقم، ومزيل للنعم، ومهلك للأسَر والشعوب والأمم.
فلا يظنّنَّ أحد أنّ ظلمه للعباد بضرب، أو سب أو شتم، أو تزوير، أو أكل مال بالباطل، أو سفك دم، أو غيبة أو نميمة، أو استهزاء أو سخرية، أو جرح كرامة؛ – لا يظننَّ أحد – أنّ شيئًا من ذلك الظلم سيضيع ويذهب دون حساب ولا عقاب. كلا، كلا. فلابُدّ للظالم والمظلوم من الوقوف بين يدي الله عز وجل ليَحكم بينهما بالعدل الذي لا ظلم فيه ولا جاه ولا رشوة ولا شهادة زور. ﴿اللَّهُ يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِيمَا كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ﴾ [الحج: 69]. روى مسلم في صحيحه عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله ﷺ قال: «لتؤدُّنَّ الحقوق إلى أهلها يوم القيامة، حتى يُقادَ للشاة الجلحاءِ من الشاة القرناء».
أما والله إن الظلم شؤم .. ولازال المسيء هو الظلومُ
ستعلم يا ظلوم إذا التقينا .. غدًا عند المليك مَنِ الملومُ
فما أقبح الظلم، وما أقبح نتائجه وعواقبه في الدنيا والآخرة، لِذا حرّمه رب العالمين، وحذّر منه سيد المرسلين.
عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه قال: «يوشك أن تخرب القرى وهي عامرة.» قيل: «يا أمير المؤمنين كيف تخرب وهي عامرة؟» قال: «إذا علا فجارها على أبرارها، وساد القبيلة منافقوها.»
يعني إذا كان الغلبة لأهل الشر والفساد، والسادة والأمراء أهل النفاق ليس لهم رغبة في الدين، ولا يبالون بما يهدم الإسلام ويوهنه.
إذا كنت في نعمة فارعها .. فإن الذنوب تُزيل النعم
وحطها بطاعة رب العباد .. فربّ العباد سريع النقم
وإياك والظلم مهما استطعت .. فظلم العباد شديد الوخم
نعم ..الظلم سبب في المحن والفتن والهلاك والبلاء في هذه الدنيا؛ فكم من أمم قد طغت فأبيدت ودُمّرَت، وكم من أقوام قد طغوا فعذبوا وأهلِكوا، وكم من أناس قد أسرفوا في الظلم والطغيان فكانت نهايتهم إلى الهلاك والخُسْران. يقول ربنا سبحانه: ﴿وَكَمْ قَصَمْنَا مِنْ قَرْيَةٍ كَانَتْ ظَالِمَةً وَأَنْشَأْنَا بَعْدَهَا قَوْمًا آخَرِينَ فَلَمَّا أَحَسُّوا بَأْسَنَا إِذَا هُمْ مِنْهَا يَرْكُضُونَ لَا تَرْكُضُوا وَارْجِعُوا إِلَى مَا أُتْرِفْتُمْ فِيهِ وَمَسَاكِنِكُمْ لَعَلَّكُمْ تُسْأَلُونَ قَالُوا يَاوَيْلَنَا إِنَّا كُنَّا ظَالِمِينَ﴾ [الأنبياء: 11].
روى البخاري ومسلم عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه، قال: قال رسول الله ﷺ: «إن الله ليملي للظالم حتى إذا أخذه لم يُفلِتْه» قال: ثم قرأ: ﴿وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ الْقُرَى وَهِيَ ظَالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ﴾ [هود: 102].
فأين الجبابرة؟ وأين الأكاسِرة؟ وأين القياصرة؟ وأين الفراعنة؟ أين الطغاة؟ وأين الطواغيت؟ أين عاد؟ وأين ثمود؟ وأين قوم نوح؟ وأين قوم لوط؟ أين الظالمون؟ وأين التابعون لهم في الغي؟ بل أين فرعون وهامان؟
وأين من دوخوا الدنيا بسطوتهم .. وذكرهم في الورى ظلم وطغيان؟
هل فارق الموت ذا عز لعزته؟ .. أم هل نجا منه بالسلطان إنسان؟
لا والذي خلق الأكوان من عدم .. الكل يفنى فلا إنس ولا جانُ
﴿فَكُلًّا أَخَذْنَا بِذَنْبِهِ فَمِنْهُمْ مَنْ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِ حَاصِبًا وَمِنْهُمْ مَنْ أَخَذَتْهُ الصَّيْحَةُ وَمِنْهُمْ مَنْ خَسَفْنَا بِهِ الْأَرْضَ وَمِنْهُمْ مَنْ أَغْرَقْنَا وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ وَلَكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ﴾ [العنكبوت: 40].