في ظلال رسالة دعوتنا (3) للإمام الشهيد حسن البنا – رحمه الله الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لانبي بعده، محمد بن عبد الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، وبعد
حقيقة دعوتنا يقول الإمام البنا: ونحب أن يعلم قومنا – وكل المسلمين قومنا – أن دعوتنا دعوة بريئة نزيهة، قد تسامت في نزاهتها حتى جاوزت المطامع الشخصية، واحتقرت المنافع المادية، وخلفت وراءها الأهواء والأغراض، ومضت قدمًا في الطريقِ التي رسمها الحق تبارك وتعالى للداعين إليه: (قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّه عَلَى بَصِيرَة أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللَّه وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ)، فلسنا نسأل الناس شيئًا، ولا نقتضيهم مالًا ولا نُطالبهم بأجر، ولا نتزيد وجاهةً، ولا نريد منهم جزاءً ولا شكورًا، إن أجرنا في ذلك إلا على الذي فطرنا.
فالذي يميل إلينا من غير وعي ولا علم لماذا هذا الميل؟ إنه في وقت الجد يبتعد عنا، لأنه كان يتخيل أنها دعوة تحقق الإفادة أو المنافع أو الأغراض، أو الولاء فيها للأشخاص والمصالح، والحقيقة غير ذلك، وكما عبر عن ذلك الإمام البنا عندما قال: ” فنحن مغمورون جاهًا فقراء مالًا، شأننا التضحية بما معنا وبذل ما في أيدينا، ورجاؤنا رضوان الله وهو نعم المولى ونعم النصير”. والذي ينفر منا أيضًا إنما ينفر عن غير وعي ولا علم، لماذا ينفر منا؟ إنه لم يتبين وجه الحق في دعوتنا ولا وجه الإخلاص في قولنا، ويتحدث عنا بلسان المتحرج المتشكك ولا يرانا إلا بمنظاره الأسود، ولذلك قال: إنَّ هؤلاء نقول لهم، كونوا على ما أنتم عليه ولكن أعرف لماذا تميل؟ ولماذا تنفر؟ لا نريد منك أكثر من ذلك، وهذا وحده سوف يُوقظ فيك روح الجد بلا شك، مثلما قال الأستاذ سيد: إنَّ الجاهليةَ الأولى كانت جاهلية رجولة وشرف، أما الجاهلية الآن فميوعة وتلكؤ واستهتار؛ ولذلك كان الناس معادن، خيارهم في الجاهلية خيارهم في الإسلام إذا فقهوا، فروح الجد هي التي تدفع الإنسان أن يعرف الحق ويدرك وجهه.
إنما المائع المتلكئ المستهتر لا يطلب الحق ولا يريده، مثلما قال الأستاذ الإمام البنا: (أما تلك الغفلة السادرة والخطرات اللاهية والقلوب الساهية والانصياع الأعمى واتباع كل ناعق فما هو من سبيل المؤمنين في شيء). ولهذا كانت روح هذه الرسالة هي روح الإشفاق الذي يبعث على الاستنفار، بهذه العاطفة الجياشة القوية التي صدر عنها الإمام البنا، وهذا العمل يستدعي عملًا في العمق وعملًا في الاتساع كذلك.
متطلبات دعوتنا أما العمل في العمق: فهو الإدراك والوعي والوضوح، الجلاء للمبدأ أو المثل الأعلى فلا بد أن يكون بارزًا واضحًا جليًّا بعيدًا عن الغموض. وأما العمل في الاتساع: وهو فتح أعين هؤلاء الذين تعنيهم المشكلة، فتح أعينهم على ما يُحيط بهم من مخاطر كما قيل في تفسير قوله تعالى: ﴿اللَّهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسَالَتَهُ﴾ (الأنعام: من الآية 124)، ليس المهم فقط الرسالة ووضوحها وشرحها، وإنما المهم أيضًا المجتمع الذي سيرتبط بها وينهض بها أيضًا، وكما نهتم بشرح الفكرة ونجليها ونوضحها لا بد أن نهتم بتهيئةِ المجتمع لقبولها.
ولذلك عندما أنزل الله الرسالةَ الخاتمةَ على المجتمعِ العربي كان هو خير مجتمع (آنذاك) على وجهِ الأرض، مستعدًا لقبولها، بعيدًا عن الفلسفاتِ القديمة والعقائد الوثنية وسلطة الدولة أو الحكام، وبروز روح العربي الأنفة، وعدم تأثره بالوثنيات الرومانية ولا عقائد النصارى ولا اليهود، بعده عن ذلك في قلب الصحراء، يعيش هذه العيشة الخشنة الجادة، خلو ذهنه وصفاء نفسه، بعيدًا عن هذا الركام الجاهلي الذي كما ذكر الأستاذ سيد قطب – رحمه الله: (سد على الناس منافذ التفكير، الإباحية والإلحاد من ناحية، والعقائد والفلسفات التي كانت متخمة بها عقولهم، هذه الأمور سدت على الناس طريق التفكير. أما العرب فكانوا مهيئين لقبول الرسالة بطبيعتهم وبعدهم عن ذلك كله).
ولذلك كما أنَّ الإمامَ البنا كان حريصًا على طرح الفكرة وإيضاحها وتجلياتها كان حريصًا أيضًا على أن يُهيئ المجتمع لاستقبالها بإشاعة روح الجد بعيدًا عن الميوعة والاستهتار، كل واحد يجب أن يعرف ماذا يعمل ولماذا يميل إلى هذا وينفر من ذاك. والإسلام دين البشرية جميعًا. ولذلك قال عن المتردد: وإما شخص لم يستبن له وجه الحق، ولم يتعرَّف في قولنا معنى الإخلاص والفائدة، فهو متوقف متردد، فهذا نتركه لتردده ونوصيه بأن يتصل بنا عن كثب، ويقرأ عنا من بعيد أو من قريب، ويطالع كتاباتنا ويزور أنديتنا، ويتعرف إلى إخواننا، فسيطمئن بعد ذلك لنا إن شاء الله، وكذلك كان شأن المترددين من أتباع الرسل من قبل. وعندما تكلَّم عن المتحامل… (وهذا سنظل نحبه ونرجو فيئه إلينا واقتناعه بدعوتنا، وإنما شعارنا معه ما أرشدنا إليه المصطفى صلى الله عليه وسلم: “اللهم اغفر لقومي فإنهم لا يعلمون). إنها إشاعة رُوح الجد والإحساس بالمسئولية، والبعد عن تلك الغفلة السادرة والخطرات اللاهية والانصياع الأعمى واتباع كل ناعق. ولذلك كانت مهمة الدعاة تهيئة ضمير الأمة إزاء ما يُحيط بها من أخطار حتى تتهيأ لهذه الرسالة والقيام بتكاليفها باهظة الثمن.
فالرسالة على هذا النحو، باهظة التكاليف، تكليف بهذا الاتساع، وبهذا العمق والشهود والحضور على أحداث الناس وقضاياهم بهذه الصورة، إثبات جدارة الإنسان بوظيفته وتكريم الله له، في إقامةِ العدل وحقن الدماء يحتاج من الأمة بأن تستمع لهذه الرسالة لكي تستجيب وتتهيأ لها فكيف يكون ذلك؟ يكون بتلقين ضمير الأمة إزاء ما يُحيط بها من أخطار.
وكما يقول الشيخ جودت سعيد في كتابه: العمل قدرة وإرادة (وهو علم له أخصائيون مجهزون مثقفون مدربون، يعدون ضمائر الأمة ويحيونها إزاء ما يحيط بها من أخطار). هذه هي الروح التي تُهيمن على الرسالةِ والتي قصد إليها الأستاذ الإمام البنا (البوح بروح الإشفاق من ناحية والعاطفة الصادقة وروح الاستنفار التي تعني روح الجد بعيدًا عن التلكؤ والميوعة والاستهتار من ناحية أخرى)، وتوضح هذه الرسالة ما كان عليه الإمام البنا من فقه؛ حيث إنه – كما يقول ابن تيمية – رحمه الله: (إنَّ من ممادح أهل العلم أنهم يخطّئون ولا يكفّرون).
شرائط إنجاز الأمة هذا التكليف الضخم المعروف أنَّ كل نشاط بشري ليس بمعزل – حتى يتم – عن طرائق تشترط لإنجازه، وعن بواعث معللة لدوامه واستقراره، والشرائط أو الطرائق التي تُشترط لإنجاز هذا النشاط الضخم الذي يريده الأستاذ البنا من الأمة ويستنفرها معه هذا النشاط الضخم يحتاج إلى عدة ضوابط: أولها: أداء الواجب دون النظر إلى نيل الحقوق الشعور بأنها تقوم بواجبها قبل النظر في أنها تنال حقوقَها (فقه العاقبة)، فأداء الواجب قبل نيل الحقوق، وقد قال رسول الله- صلى الله عليه وسلم-: “سيكون عليكم أمراء تنكرون منهم ما تعرفونه وسوف تكون أثرة، فقالوا: وما العمل يا رسول الله؟ قال: أدُّوا الذي عليكم (يعني الواجب) واسألوا الله الذي لكم” قوموا بواجبكم أولًا أي الأخذ على يد الظالمين وإن فاتتكم الفوائد، وإن فاتتكم مغانم الدنيا.
وكان من كلمات الإمام محمد عبده في تفسير قوله تعالى: ﴿كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ﴾ (آل عمران: 110) من أعمال هذه الأمة الضرب على أيدي الظالمين، فالظلم أنكر المنكر، والعدل أعرف المعروف، فالضرب على أيدي الظالمين من واجبات هذه الأمة ومن أعمالها، دون النظر إلى نَيلها الحقوق من منافع ومغانم وإفادة، مثلما ذكر الإمام البنا في رسالةٍ أخرى: (فالعامل يعمل من أجل الواجب أولًا والأجر الأخروي ثانيًا والإفادة ثالثًا، فإن فعل سقط عنه إثم التقصير ونال ثواب الله ما في ذلك شكٌّ متى توفرت شروطه، وأما الإفادة فأمرُها إلى الله فقد تأتي فرصةٌ لم تكن في حسابه تجعل عمله يأتي بأبرك الثمرات).
فأداء الواجب دون النظر إلى نيل الحقوق من أهم شرائط العمل الداعية لإنجازه والبواعث المعلّله لدوامه واستقراره. إنها معادلة صعبة، معادلة الواجب قبل الحق، وقد يكون من علل سقوط العمل الإسلامي المعاصر- التي فسرها الإمام البنا – إصلاح الحكم قبل إصلاح المجتمع، وهذه نتيجة قبل الوسيلة، كما تكلم عن ذلك الإمام البنا تحت عنوان (في سبيل النهوض)؛ حيث يقول “إلا أن هناك زعماء لم تحنكهم التجارب، استعجلوا النتائج قبل الوسائل ورضوا من الغنيمة بالإياب، فهم الذين ضيَّعوا شعوبَهم وضيَّعوا مجهود أممهم وتضحياتها كذلك”.
وكثيرًا ما تكلم الإمام البنا عن هذا المعنى بأننا نؤدي الواجب أولاً، أما الحق فقد نناله – وهي الإفادة – وقد لا ننالها، وهذا أمرٌ لا يتعارض إطلاقًا مع فقه العاقبة.. إذا تأخرت العواقب روجعت المفاهيم، ويشترط في نجاح الأعمال أيضًا النظر إلى العواقب، إذا تأخرت العواقب عن وقتها الذي قدَّره الله لها روجعت المفاهيم، فأي عمل لا بد أن يكون له عاقبة، وهذه العاقبة لا بد أن يكون لها تقديرٌ، فلما تتخلف عن وقتها الذي قدره الله لها فلا بد من مراجعة المفاهيم والوسائل، ولابد أن هناك خطأ ولا نخلع على هذا الخطأ لونًا من القداسة، وهذه نقيصة فيمن قبلنا عندما عاب الله عليهم ﴿وَإِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً قَالُوا وَجَدْنَا عَلَيْهَا آبَاءَنَا وَاللَّهُ أَمَرَنَا بِهَا قُلْ إِنَّ اللَّهَ لا يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ أَتَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ مَا لا تَعْلَمُونَ (28)﴾ (الأعراف) .
أي أنهم ربطوا الخطأ بإرادة الله، أي خلع القداسة على الخطأ لكي لا ننظر للعاقبة، وهذا أمر في منتهى الخطورة. أو الدعوة القديمة التي تقول السعي الصالح لا يحتم النجاح، “عليَّ أن أسعى وليس عليَّ إدراك النجاح” وهي مفاهيم خاطئة لأنها تُفقد العمل فقه العاقبة، وهذا أمر مهم جدًّا في أي عمل نقوم به.. ﴿وَقُلْ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ﴾ (التوبة: من الآية 105) وفي الحديث القدسي: “يا عبادي إنما هي أعمالكم أحصيها عليكم، فمن وجد خيرًا فليحمد الله ومن وجد شرًّا فلا يلومن إلا نفسه” بمعنى المراجعة التي تعني في المصطلح الشرعي “التوبة” وبغير ذلك فلن نندفع إلى الأمام أبدًا.
ونعود مرةً أخرى إلى ما كنا نقوله من أنَّ عدم النظر فيما لنا من حقوق، أي عدم النظر للفائدة، لا يعني أن نهدر فقه العاقبة والنظر إلى العواقب، لأنه قد لا أرى أنا العاقبة، وهذا منهج قرآني، وهذا ما خاطب به القرآن النبي صلى الله عليه وسلم: ﴿وَإِمَّا نُرِيَنَّكَ بَعْضَ الَّذِي نَعِدُهُمْ أَوْ نَتَوَفَّيَنَّكَ﴾ (يونس: من الآية 46) لأنه من الممكن جدًّا أن ترى العاقبة أو لا تراها لكن يظل وعد الله للذين آمنوا وعملوا الصالحات ﴿وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُم فِي الأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمْ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا﴾ (النور: من الآية 55)، وكان وعد هذا لأمة محمد صلى الله عليه وسلم، أما النبي فقد قال عزَّ وجل له: ﴿وَإِمَّا نُرِيَنَّكَ بَعْضَ الَّذِي نَعِدُهُمْ أَوْ نَتَوَفَّيَنَّكَ﴾ (يونس: من الآية 46)، فمن شرائط نجاح أي عمل تقديم المصلحة العامة على المصلحة الخاصة بعيدًا عن الأثرة والأنانية.
لأنك تؤدي واجبًا، وهذا الواجب قد ينتفع به غيرك، وهذا قمة الإيثار والتضحية والعمل لوجه الله، فإن لم يصل هو إلى النصر فسينتفع بجهوده غيره، وقد تكون العاقبة أو النجاح الحقيقي هو في ذلك الموت الذي يباركه الإسلام لما يورث من حسن العاقبة، عزة المسلم، رفعة المجتمع، كرامة الأمة.
ولذلك فان أ. سيد قطب – رحمه الله – عندما سألوه في التحقيق، ما الذي جعلك تقبل قيادة تنظيم وأنت ما زلت خارجًا من السجن وصحتك لا تسمح بذلك، وهذا أمر يُجرِّمه القانون، وأنت رجل مثقف ورجل كبير وهؤلاء شباب صغار في السن فقال : أنا أعرف أن ما قمت به جريمة في الشرائع الأرضية أستحقُ عليها الإعدام إلا أنه واجبي الديني بمفهومي للإسلام وتعاملي فيما بيني وبين ربي. إحساسي بهذا التكليف، الإشفاق على نفسي وعلى غيري وعلى أمتي يدعوني أن أستنفر نفسي بهمةٍ تامةٍ كاملةٍ للقيام بهذا الواجب مهما كلفني ذلك، وأنا أعلم أنه سيكلفني حياتي.. هذه هي العاقبة التي لا يوجد غيرها، وأما ما بعد ذلك من نتائج فقد يستفيد بها غيري، لكن الآن هذا ما أملكه.
وتذكر أخته حميدة قطب في مذكراتها المنشورة (أحراش الليل): أن شمس بدران وصفوت الروبي طلبا منها أن تذهب إلى أخيها (أ. سيد) وتقول له إنهم سوف ينفِّذون فيك حكم الإعدام غدًا والكلام جد، وما عليك إلا أن تتبرأ أو تتنكَّر وتؤيد، وكانوا قد كتبوا لها ورقةً فيها هذا التنكُّر وهذا التأييد، ولو كتبت ذلك فسيكون الإفراج عنك فورًا، فكان رده: (إنها كذبة كبرى لا يغتفرها التاريخ إن قلت ذلك (يعني التبرؤ أو التأييد) ثم قال لها : وإن كان قَدَر الإله مماتي فلعل الله يصنع بموتي شيئًا رائعًا لهذا الدين (وقد كان) رحمه الله.
إنه نظر إلى العاقبة يستمتع بها غيرنا فإن لم تؤد به إلى فتح أدت بغيره أو كما قال الإمام البناء في نهاية رسالة (هل نحن قوم عمليون؟!) : إن لم يؤده إلى الفتح فسيؤدي إليه مَنْ بعده بفضل مجهوده إن شاء الله ﴿وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُوْلُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ﴾ (التوبة: من الآية 105).
إنه فقه العاقبة الذي يدعونا أن ننظر إلى الواجب وننسى الحق الذي لنا “أدوا الذي عليكم واسألوا الله الذي لكم”.. فهذا من الطرائق التي تشترط لإنجاز ذلك النشاط البشري أو البواعث المعللة لدوامة واستمراره.
ثانيها : باعث الإرادة (بروز المثل الأعلى)
أيضًا هناك باعث الإرادة، وأنها لا تكون ولا تقوى إلا ببروز المثل الأعلى، ووضوحه وجلائه والبرهان على صلاحيته للبقاء والخلود، وعلى أهليته وقدرته على إصلاح الناس؛ لأن الإرادة لا تقوى إلا إذا برز لها المثل الأعلى، النموذج الذي يحتذي به من ناحية، ولا يزداد الإيمان به إلا إذا أمكن تحقيقه في حياة الناس، وهذا ما كان الأستاذ البنا يؤكد عليه وذكَره في أول الرسالة وهو يتكلم عن مبدئنا الذي حكم التاريخ بصلاحيته للخلود وأهليته لإصلاح الوجود لأنه يسع الناس جميعًا.
————————————–
انتهى الجزء الثالث (3) ونستكمل الشرح فى الأجزاء الباقية .