في السلوك إلى الله – د. محمد حامد عليوة

في السلوك إلى الله – د. محمد حامد عليوة

ما أجمل أن تحيا وقلبك معلق بالآخرة، وعينيك على مولاك خالق الخلق ومدبر الأمر، هكذا هم الربانيون (المنتسبون إلى ربهم)، يسيرون إلى ربه في كل لحظة من لحظات حياتهم، ليس أمامهم إلا الله، إنه حال حارثة في سلوكه إلى ربه في هذه الحياة، حين سأله النبي ﷺ في حديث الحارث بن مالك الأنصاري: «كيف أصبحتَ يا حارثةُ؟» قال: أصبحتُ مؤمنًا حقًّا، قال: «انظُرْ ما تقولُ، فإنَّ لكلِّ قولٍ حقيقةً»، قال: يا رسولَ اللهِ، عزفتْ نفسي عن الدنيا، فأسهَرتُ لَيلي، وأظمَأْتُ نهاري، وكأني أنظرُ إلى عرشِ ربي بارزًا، وكأني أنظرُ إلى أهلِ الجنَّةِ في الجنَّةِ كيف يتزاوَرون فيها، وكأني أنظرُ إلى أهل النارِ كيف يتعاوَوْنَ فيها. قال: «أبصرْتَ فالْزَمْ، عبدٌ نوَّرَ اللهُ الإيمانَ في قلبِه».

قال الشيخ لمريده: «يا بُني صحح إيمانك على نحو أهل الله»، قال الغلام: «وهل لأهل الله نحو خاص بهم؟» قال له الشيخ: «نعم، أهل الله الصالحون، لا يرون فاعلًا في الكون إلا الله»، قال له الغلام: «يا سيدي، والباقي؟» قال الشيخ: «الباقي مفعول به وقع عليه فعل الفاعل». (قُلِ اللَّهُ ۖ ثُمَّ ذَرْهُمْ فِي خَوْضِهِمْ يَلْعَبُونَ)، (قُلِ اللَّهَ أَعْبُدُ مُخْلِصًا لَّهُ دِينِ).

من دلائل الإخلاص إسقاط اعتبار الناس
إجتهد أن تقول وتعمل ما يُرضى ربك، وما يوافق هديّ نبيك، وما يُخالف هوى نفسك؛ وعندئذ لا تلقي بالًا لرأي الناس فيما تقول وتعمل، لأنهم يرون ظاهرك والله يرى باطنك.
ويكفيك في قولك وعملك وسكونك وفعلك أن الله يعلم ما في نفسك، ويعلم قصدك من قولك وعملك
(رَّبُّكُمْ أَعْلَمُ بِمَا فِي نُفُوسِكُمْ ۚ إِن تَكُونُوا صَالِحِينَ فَإِنَّهُ كَانَ لِلْأَوَّابِينَ غَفُورًا)، فلا تنشغل برضا الناس عن فعلك أو قولك، يكفيك أنك أخلصت لربك الجهد والقصد، وهو سبحانه سيرضى عنك ويرضي عنك عباده. لذلك قالوا: «من علامة الإخلاص أن تُسقط إعتبار الناس»
ورحم الله أبا حفص يوم قال لأبى عثمان النيسابوري:
«إذا جلست للناس فكن واعظًا لقلبك ونفسك، ولا يغرنك اجتماع الناس عليك، فإنهم يراقبون ظاهرك، والله رقيب على باطنك».

اترك تعليقا