
في السلوك القيادي والانتساب للحق
- zadussaerinweb@gmail.com
- أبريل 11, 2024
- مهارات تربوية
- 0 Comments
من وصايا الفاروق عمر بن الخطاب في (السلوك القيادي والانتساب للحق)
في مستهل السنة الرابعة عشر من الهجرة (14هـ) كان الخليفة عمر بن الخطاب يحث الناس ويحرضهم على جهاد أهل العراق، وبعد مشاورات استقر الأمر على تولي سعد بن أبي وقاص(*) إمارة العراق وجعله على رأس الجيش المتجه لنشر الإسلام فيها، وقبل أن يتحرك سعد بجيشه أوصاد سيدنا عمر بهذه الوصية الجامعة التي أوردها بن كثير في البداية والنهاية، حيث قال سيدنا عمر لسيدنا سعد:
«يا سعد بن وهيب لا يغرنك من الله أن قيل خال رسول الله ﷺ وصاحبه، فإن الله لا يمحو السيء بالسيء، ولكن يمحو السيء بالحسن، وإن الله ليس بينه وبين أحد نسب إلا بطاعته، فالناس شريفهم ووضيعهم في ذات الله سواء، الله ربهم، وهم عباده، يتفاضلون بالعافية ويدركون ما عند الله بالطاعة، فانظر الأمر الذي رأيت رسول الله ﷺ منذ بعث إلى أن فارقنا عليه فالزمه، فإنه أمر. هذه عظتي إياك إن تركتها ورغبت عنها حبط عملك وكنت من الخاسر».

ولما أراد فراقه قال له: «إنك ستقدم على أمر شديد، فالصبر الصبر على ما أصابك ونابك، تجمع لك خشية الله، واعلم أن خشية الله تجتمع في أمرين: في طاعته، واجتناب معصيته، وإنما طاعة من أطاعه ببغض الدنيا وحب الآخرة، وإنما عصيان من عصاه بحب الدنيا وبغض الآخرة.
وللقلوب حقائق ينشئها الله إنشاء، منها: للسر، ومنها: العلانية، فأما العلانية: فأن يكون حامده وذامه في الحق سواء، وأما السر: فيعرف بظهور الحكمة من قلبه على لسانه، وبمحبة الناس.
ومن محبة الناس فلا تزهد في التحبب فإن النبيين قد سألوا محبتهم، وإن الله إذا أحب عبدا حببه، وإذا أبغض عبدا بغضه، فاعتبر منزلتك عند الله بمنزلتك عند الناس».
ومما ذكره ابن كثير: أن سعد سار إلى العراق، ورجع عمر بمن معه من المسلمين إلى المدينة. وبعد فترة من تقدم الجيش في العراق، بعث عمر كتابه إلى سعد يأمره بالمبادرة إلى القادسية، وأمره بمحاسبة نفسه، وموعظة جيشه، وأمرهم بالنية الحسنة والصبر، فإن النصر يأتي من الله على قدر النية، والأجر على قدر الحسبة، وسلوا الله العافية، وأكثروا من قول لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.
واكتب إلي بجميع أحوالكم وتفاصيلها، وكيف تنزلون، وأين يكون منكم عدوكم، واجعلني بكتبك إلي كأني أنظر إليكم، واجعلني من أمركم على الجلية، وخف الله وأرجه، ولا تدل بشيء. واعلم أن الله قد توكل لهذا الأمر بما لا خلف له، فاحذر أن يصرفه عنك ويستبدل بكم غيركم.
المصدر: البداية والنهاية لإبن كثير – الجزء السابع
(*) هو أبو إسحاق سعد بن مالك بن وهيب الزهري القرشي من بني زهرة أهل آمنة بنت وهب أم الرسول ﷺ، أحد العشرة وآخرهم موتًا من السابقين الأولين، مكث ثلاثة أيام وهو ثالث الإِسلام وأحد ستة الشورى وأول مَن رمى سهمًا، (23 ق هـ – 55 هـ / 595 – 674 م)، ودفن في البقيع بالمدينة المنورة.