
في خطورة الكلمة وأثرها – د. محمد حامد عليوة
- zadussaerinweb@gmail.com
- مارس 20, 2022
- أخلاق وقيم تربوية
- 0 Comments
في خطورة الكلمة وأثرها – د. محمد حامد عليوة
لا شك أن للكلمة الأثر البالغ، سواء كان الأثر إيجابياً أو كان سلبياً، فكم من الكلمات الطيبات كان لها الأثر في إصلاح ذات البين، والتأليف بين القلوب، وتوعية العقول، وضبط السلوكيات والمعاملات، والتحفيز لأداء المهام وتحقيق الإنجازات، وتجاوز الآلام والعثرات، وغير ذلك من آثار الكلمات الطيبة المباركة.
لهذا قال أحدهم يومًا: «رُبَ حرف أحدُ من سيف»، فلقد كان لسان حسان بن ثابت أحد من السيف على المشركين، وهو ما يؤكد على ضرورة الانتفاع بنعمة اللسان في قول الحق ونشرالخير، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والذكر والدعاء والتلاوة، وبيان ما غمض، وتوضيح ما التبس، وغيرها من الكلام الطيب النافع.
وكم من الكلمات الخبيثات كان لها الأثر السيئ في إفساد ذات البين، وتخريب البيوت، وقطع الأرحام، وإساءة العلاقات، وقتل المواهب، وارتكاب الجرائم، وغير ذلك من الآثار السيئة للكلمة الخبيثة.
فالتحذير التحذير من الكلمة الخبيثة فهي كالشجرة الخبيثة لا خير فيها ولا قرار لها، ورحم الله من قال: «ومن الحروف ما تجُرُ الحتوف»، هذا في الدنيا؛ أما في الآخرة فحصائد الألسنة تكب الناس على (مناخيرهم / وجوههم) في النار، كما أخبر الصاق المصدوق في حديثه لسيدنا معاذ بن جبل: «.. وَهَلْ يَكُبُّ النَّاسَ في النَّارِ على وُجُوهِهِمْ إِلاَّ حَصَائِدُ ألْسِنَتِهِمْ؟».

ولخطورة الكلمة جعلها الرسول في أحاديثه رافعة أو خافضة لصاحبها، رافعة له إذا كانت كلمة طيبة من رضوان الله، وخافضة له إذا كانت كلمة خبيثة من سخط الله،
فعَنْ أَبي هُرَيْرَةَ أَنَّهُ سَمِعَ النَّبيَّ ﷺ يَقُولُ: «إنَّ الْعَبْد لَيَتَكَلَّمُ بِالكَلِمةِ مَا يَتَبيَّنُ فيهَا يَزِلُّ بهَا إِلَى النَّارِ أبْعَدَ مِمَّا بيْنَ المشْرِقِ والمغْرِبِ». متفقٌ عليهِ.
وَعَنْهُ عن النبيّ ﷺ قَالَ: «إنَّ الْعَبْدَ لَيَتَكَلَّمُ بِالكَلِمةِ مِنْ رِضْوَانِ اللَّهِ تَعَالى مَا يُلقِي لهَا بَالًا يَرْفَعُهُ اللَّه بهَا دَرَجاتٍ، وَإنَّ الْعبْدَ لَيَتَكلَّمُ بالْكَلِمَةِ مِنْ سَخَطِ اللَّهِ تَعالى لا يُلْقي لهَا بَالًا يهِوي بهَا في جَهَنَّم». رواه البخاري.
وعَنْ أبي عَبْدِالرَّحمنِ بِلال بنِ الحارثِ المُزنيِّ أنَّ رَسُولَ اللَّه ﷺ قالَ: «إنَّ الرَّجُلَ ليَتَكَلَّمُ بالْكَلِمَةِ مِنْ رِضْوانِ اللَّهِ تَعالى مَا كَانَ يَظُنُّ أنْ تَبْلُغَ مَا بلَغَتْ يكْتُبُ اللَّه لَهُ بهَا رِضْوَانَهُ إِلَى يَوْمِ يلْقَاهُ، وَإنَّ الرَّجُلَ لَيَتَكَلَّمُ بالكَلِمةِ مِنْ سَخَطِ اللَّه مَا كَانَ يظُنُّ أنْ تَبْلُغَ مَا بلَغَتْ يكْتُبُ اللَّه لَهُ بهَا سَخَطَهُ إِلَى يَوْمِ يلْقَاهُ». رواهُ مالك في (المُوطَّإِ) والترمذي وقال: حديثٌ حسنٌ صحيحٌ.
فلنجتهد في انتقاء كلماتنا وضبط أقوالنا، وتطهير ألستنا، ولنعتني بألسنتنا كما نعتني بقلوبنا، لأن المرء بأصغريه؛ قلبه ولسانه، كما جاء في حديث النبي ﷺ، فكم من أناس رفعتهم سلامة قلوبهم وطهارة ألسنتهم، وعكس ذلك صحيح.