في ركب الأتقياء الأخفياء

في ركب الأتقياء الأخفياء – بقلم: د. محمد حامد عليوة
«الزم طريق الحق عاملًا باذلًا، وسر في ركب الأتقياء الأخفياء، فالخفي على هذه السبيل خير من الظاهر، ولا تلتفت لمن تمحور حول نفسه؛ وإن علا صوته وذاع أمره، فهو ظاهرة لن تدوم، ولا تنشغل بمن تنكب الطريق وانحرف عن الجادة؛ مهما كان قدره وكثر حشده، فسرعان ما ينزوى، فدعوتنا دعوة مبدأ، لا تقبل الشركة، ولا يصلح لها إلا من أحاطها، والتزم نهجها، وأخلص البذل لها.»

قال سيدنا سعد بن أبي وقاص لولده عمر: سمعت رسول الله ﷺ يقول: «إن الله يحب العبد التقيّ الغنيّ الخفيّ».
وعن عمر بن الخطاب – رضي الله عنه- أنه خرج يومًا إلى مسجد رسول الله
فوجد معاذ بن جبل – رضي الله عنه- قاعدًا عند قبر النبي ﷺ يبكي، فقال: ما يبكيك؟ قال: يبكيني شيءٌ سمعته من رسول الله ﷺ، سمعت رسول الله ﷺ يقول: «إن يسير الرياء شركٌ، وإن من عادى لله وليًا، فقد بارز الله بالمحاربة، إن الله يحب الأبرار الأتقياء الأخفياء الذين إذا غابوا لم يفتقدوا، وإن حضروا لم يدعوا ولم يعرفوا، قلوبهم مصابيح الهدى، يخرجون من كل غبراء مظلمة». (اخرجه بن ماجة في مسنده).

نعم.. إن الله يحب الأتقياء الأخفياء الأبرار، فاحرص على طاعة الله، وراقب ربك في كل حركة وسكنة، واعلم انه سبحانه مطلع ورقيب، فإن ظهر أمرك واشتهر حالك في دعوتك وبين إخوانك فعش حياة العبودية لربك، واصرف هذا الظهور فيما يقربك من مولاك، واحرص على تسوية الصفوف وتجميع القلوب، وكن الحل ولا تكن المشكلة، واعلم أن من بطأ به عمله لم يسرع به نسبه، ومن خاب سعيه لم ينفعه لقبه. (يَوْمَ يَبْعَثُهُمُ اللَّهُ جَمِيعًا فَيُنَبِّئُهُم بِمَا عَمِلُوا ۚ أَحْصَاهُ اللَّهُ وَنَسُوهُ ۚ وَاللَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ (6)) (سورة المجادلة)

اترك تعليقا