(فَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ وَمَن تَابَ مَعَكَ)

ذكر الإمام القرطبي – رحمه الله – فى تفسير قول الله تعالي: (فَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ وَمَن تَابَ مَعَكَ).
أن الخطاب للنبي ﷺ ولغيره. وقال السدي: له والمراد أمته. وقيل: (اسْتَقِمْ) اطلب الإقامة على الدين من الله واسأله ذلك. فتكون السين سين السؤال، كما تقول: أستغفر الله أي أطلب الغفران منه.

والاستقامة الاستمرار في جهة واحدة من غير أخذ في جهة اليمين والشمال، فاستقم على امتثال أمر الله. وفي صحيح مسلم عن سفيان بن عبد الله الثقفي قال: «قلت يا رسول الله: قل لي في الإسلام قولا لا أسأل عنه أحدا بعدك! قال: قل آمنت بالله ثم استقم». وروى الدارمي أبو محمد في مسنده عن عثمان بن حاضر الأزدي قال: دخلت على ابن عباس فقلت: «أوصني! فقال: نعم! عليك بتقوى الله والاستقامة، اتبع ولا تبتدع».

جاء فى تفسير البغوي لقوله تعالي: (فَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ وَمَن تَابَ مَعَكَ وَلَا تَطْغَوْا ۚ إِنَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ 112)). سورة هود
قوله عز وجل: (فَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ
) أي: استقم على دين ربك، والعمل به، والدعاء إليه كما أمرت (وَمَن تَابَ مَعَكَ) أي: ومن آمن معك فليستقيموا. قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: «الاستقامة أن تستقيم على الأمر والنهي، ولا تروغ روغان الثعلب».
(وَلَا تَطْغَوْا) لا تجاوزوا أمري ولا تعصوني، وقيل: معناه ولا تغلوا فتزيدوا على ما أمرت ونهيت.
(إِنَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ) لا يخفى عليه من أعمالكم شيء.

وقفة مع هذه الآية:
وحينما نتأمل فى قوله تعالى:
(فَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ وَمَن تَابَ مَعَكَ)، نجد أنها اشتملت على عناصر الجماعة المسلمة (القيادة – المنهج – الجنود).
(فَاسْتَقِمْ) للقيادة، (كَمَا أُمِرْتَ) للمنهج، (وَمَن تَابَ مَعَكَ) للجنود.
ونأخذ من هذه اللمحة فائدة ودليل على وجوب العمل الجماعي لهذا الدين. ودليل على وجوب استقامة القيادة والجنود على منهج الله.
إنها سورة هود التي شيبت القائد القدوة رسول الله ﷺ، ولما سُئل، ما شيبك فيها يا رسول الله، قال، قوله: (فَاسْتَقِمْ) أنَّى لي بالاستقامة.

—————————–

اترك تعليقا