من صفات العابدين – بقلم: الأستاذ عمر التلمساني – رحمه الله
عابد الله عزيز لن يكون حليف ذلة، ولا نضو خنوع (وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ) وهكذا، كل ما يمكن أن يكون مثار كرامة من كل شيء يجعل المؤمن العابد صاحب عقل سوي، وخلق رضي، وعمل قوي، وهكذا يعبد الله.
ألم يحن الوقت الذي يتأثر المسلمون فيه بتعاليم كتاب الله قولًا وعملًا! حتى متى تظل الغفلة ضاربة على العقول والقلوب! (أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ وَمَا نَزَلَ مِنَ الْحَقِّ) ومع كل فالأمل في وجه الله عظيم، لأنه هو سبحانه الذي يزرع في نفوسنا حسن الظن به ويذكرنا دائمًا بقدرته (اعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يُحْيِي الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا) وفي الآية الكريمة ما يجعلنا ندرك تمامًا أن الله قادر على إحياء القلوب الغافلة بعد طول رقاد، والأخذ بيد الحائرين إلى أهدى سبيل. لننس الماضى البئيس، ولنحيا بالأمل الواسع ولنبادر بالعمل. فما في التحسر على ما مضى من نفع أو جلب خير.
وما قـد تولي فقد فات ذاهبـًا … فهل ينفعنى ليتـنى ولعلني؟إ
ولئن أمضيّنا ما نحن فيه كمسلمين، وهو جد ممض، فما هو بالنهاية المحتومة للمسلمين، لقد هزمنا في مواقع كثيرة دامية، ولكن الهزيمة لا يمرر طعمها إلا إذا ارتضيناها وابتلعناها، أما إذا حولنا تغيير وجهها، فإنها لا تعد هزيمة ولكنها صدمة من صدمات الحياة القاسية يمكن التغلب عليها والإفلات منها، بإيمان وعزم وتفكير ويقين. والأيام متداولة بين الناس، يوم نساء ويومٌ نسر. ليست الهزيمة أن تفقد مغنماً، ولكن الهزيمة أن تفقد خلقاً ورجولة ورجاء.
ولئن كان من أهم التبعات على المسلمين أن يجلوا لأمتهم الإسلامية حقائق ماضيها المجيدة، لتسلك طرق التربية السليمة المجدية فتنهض من كبوتها المردية، ولئن صح استكمالًا للجهود والفائدة أن نعرف عن غيرنا الكثير، فالأصح والأجدى أن نعرف عن إسلامنا أكثر. فلن يروينا وينقع غلتنا إلا مواردنا الثرية الثجاجة، الحقيقية النفع الباهر النتائج.