
من فقه الدعوة (ضوابط اتخاذ وصحة القرار)
- zadussaerinweb@gmail.com
- أكتوبر 30, 2021
- التربية الدعوية
- 0 Comments
من فقه الدعوة (ضوابط اتخاذ وصحة القرار)
بقلم: الدكتور محمد عبد الرحمن المرسي
وضح الإمام البنا نقطة هامة في هذا الشأن تسدُ باب الشيطان في إحداث الحزن والندم والتلاوم، فأوضح أن الله لا يحاسبنا على نتائج الأعمال، وإنما على سلامة القصد وصحة الخطوات، فإن أصبنا فلنا أجر الفائزين، وإن أخطأنا فلنا أجر المجتهدين.
وهناك أسس يراها واضعوا نظريات العمل الدعوي لاصلاح وتغيير المجتمعات لبناء واتخاذ والسعي لتحقيق صحة القرار، بصرف النظر أن غيرها كان هو الأفضل أو نتج عن القرار بعض الضرر والمشقة:
* سلامة القصد والنوايا والتجرد من الهوى.
* عدم حجب المعلومات المتعلقة بالقرار.
* اتخاذ الشورى منهج أساسي ولازم في اتخاذ القرار.
وبعد اتخاذ القرار وفق الشورى يصبح هو قرار الجماعة وقرار كل فرد فيها سواء من كان مؤيدًا أم معارضًا، ولا يجوز بعد أن تظهر النتائج أن يقول أحد لقد كان لى رأى غير هذا، أو ياليتهم أخذوا برأىِ.
ولنا في رسول الله ﷺ أسوة حسنة في تعلم هذا الضابط الهام، فأمامنا نموذج الصحابة الذين استشهدوا في بئر معونة، رغم أن رسول الله ﷺ كان متخوفًا من إرسالهم لكن الصحابة كانوا متحمسين لذلك. وأيضًا قرار الخروج من المدينة في غزوة أحد، وكذلك قبول الفداء لأسرى بدر.
ومع متغيرات الواقع ومستجداته تأتى المراجعة والتطوير والتعديل للقرارات، ولكن بنفس الضوابط والآلية باستخدام الشورى من الجهة ذات الصلاحية في اتخاذ القرار.
ولا يجوز شرعًا أن يقول أحد أن قرار الجماعة الذى قد صدر بالشورى واستكمل أركان الصحة فى إجراءاته، أنه قرار غير سليم، وإنما يجوز أن يكون خطأ أو صوابًا، والأصل فيه أنه صواب يحتمل الخطأ، وعندما قال المنافقون في المدينة مثل هذا عقب غزوة أحد فقالوا: لو سمعوا رأينا فلم يخرجوا ما قتلوا، فرد عليهم القرآن وكشف باطل موقفهم.
ولا يصح في مجال الدعوة وضوابطها لأي فرد أن يتهم القيادة بمخالفة الصواب لمجرد أن رأيه مختلف معها، يقول الإمام البنا فى رسالة التعاليم: «هل هو مستعد لأن يفترض فى نفسه الخطأ وفى القيادة الصواب إذا تعارض ما أُمِر به مع ما تَعَلَّم فى المسائل الاجتهادية التى لم يرد فيها نص شرعى؟»، والنصيحة وتوصيلها بالأدب والضوابط الشرعية شىء واتهام القيادة ولمزها شىء آخر، ومنهجية المراجعة فى أى موضوع واردة لكن تقوم به القيادة بعد أن تستمع إلى الأفراد وتحدد توقيت ذلك.
إن الأمور كلها صغيرها وكبيرها خاضعة لقدر الله ومشيئته، والجهد البشري قاصر وضعيف لكن عليه أن يبذل جهده خالصًا لوجه الله، ويأتي قدر الله فوق ذلك وفيه الخير للدعوة والإسلام حتى ولو لم ندرك ذلك، وبالتالي يكون المسلم مشغولًا كما قال الإمام ابن تيمية: «بدفع أقدار الحق بالحق للحق»، متوكلًا ومفوضًا نتائج الأعمال لله عز وجل.
(وَقَدْ مَكَرُواْ مَكْرَهُمْ وَعِندَ اللَّهِ مَكْرُهُمْ وَإِن كَانَ مَكْرُهُمْ لِتَزُولَ مِنْهُ الْجِبَالُ، فَلاَ تَحْسَبَنَّ اللَّهَ مُخْلِفَ وَعْدِهِ رُسُلَهُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ ذُو انتِقَامٍ). (إبراهيم 46: 47).
——————————————