(مِنكُم مَّن يُرِيدُ الدُّنْيَا وَمِنكُم مَّن يُرِيدُ الْآخِرَةَ)

(مِنكُم مَّن يُرِيدُ الدُّنْيَا وَمِنكُم مَّن يُرِيدُ الْآخِرَةَ)
وأن تقرأ قول الله تعالى في سورة آل عمران:
(وَلَقَدْ صَدَقَكُمُ اللَّهُ وَعْدَهُ إِذْ تَحُسُّونَهُم بِإِذْنِهِ ۖ حَتَّىٰ إِذَا فَشِلْتُمْ وَتَنَازَعْتُمْ فِي الْأَمْرِ وَعَصَيْتُم مِّن بَعْدِ مَا أَرَاكُم مَّا تُحِبُّونَ ۚ مِنكُم مَّن يُرِيدُ الدُّنْيَا وَمِنكُم مَّن يُرِيدُ الْآخِرَةَ ۚ ثُمَّ صَرَفَكُمْ عَنْهُمْ لِيَبْتَلِيَكُمْ ۖ وَلَقَدْ عَفَا عَنكُمْ ۗ وَاللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ (152)) وهي جزء من الآيات التي تعرض فيها القرآن لما جرى للمؤمنين في غزوة أحد، وأنت تقرأ تجد الآيات تهز نفسك وتخاطب وجدانك وهي توصف وتكشف جانبًا من مكنون نفوس بعض المؤمنين.

(مِنكُم مَّن يُرِيدُ الدُّنْيَا وَمِنكُم مَّن يُرِيدُ الْآخِرَةَ ۚ)، والقرآن هنا يسلط الأضواء على خفايا الصدور وحنايا القلوب، وهي الجوانب التي ما كان المسلمون أنفسهم يعرفون وجودها في قلوبهم.
اسمعوا للصحابي عبد الله بن مسعود – رضي الله عنه – وهو يقول:
«ما شعرتُ أن أحدًا من أصحاب النبي ﷺ كان يريد الدنيا وعرَضها، حتى كان يومئذ.»، وفي رواية أخري، قال ابن مسعود: «ما كنت أظن في أصحاب رسول الله ﷺ يومئذ أحدًا يريد الدنيا، حتى قال الله ما قال.»

وبهذا الوضوح وهذه المكاشفة يضع الله تعالى قلوب المؤمنين أمامهم مكشوفة بمـا فيها، ويعرفهم من أين جاءتهم الهزيمة ليتقوها.
وفي الوقت ذاته يكشف لهم عن طرف من حكمة الله وتدبيره، وراء هذه الآلام التي تعرضوا لها، ووراء هذه الأحداث التي وقعت بأسبابها الظاهرة.

.

إنها دروس القرآن التي يجب أن يتعلم منها الجميع وهم سائرون على طريق الدعوة، فقلوبهم بيد مولاهم، ونفوسهم وما يجري بداخلهم في محيط علمه، فليصلحوا من دواخلهم، وليستقيموا على أمر ربهم، ولا تشغلنهم الدنيا الفانية عن الآخرة الباقية، وليعلموا أن أعظم النصر أن ينتصروا على نفوسهم أولاً، وعندها سيهون عليهم كل صعب.

———————————

اترك تعليقا