
من علامات حُسن الخاتمة – د. محمد حامد عليوة
- zadussaerinweb@gmail.com
- نوفمبر 30, 2023
- التربية الدعوية
- 1تعليق
من علامات حُسن الخاتمة – د. محمد حامد عليوة
مِن علامةِ توفيقِ الله للعبد، ومِن علامة خاتمةِ الخير له، أن يوَفَّقَ في بقيَّة عُمرِه لأعمالٍ صالحة؛ يستقيم عليها، يثبُت عليها، يمضي بقيَّةَ عُمره عليها.
فقد قال رسول الله ﷺ: «إذا أراد الله بعبدٍ خيرًا، استعمَله»، قيل: كيف يستعمله؟ قال: «يوفِّقه لعملٍ صالح قبل الموت، ثم يقبضه عليه.»
بلغني اليوم خبر وفاة أحد الأحبة الكرام من ترينجانو (ولاية في شمال شرق ماليزيا)، وهو الأستاذ شافعي (رحمه الله)، وإنا لله وإنا إليه راجعون.
وعلمت أنه توفي فجأة وهو بين أحبابه وإخوانه حيث كان يؤدي واجبًا من واجبات دعوته، في ليلة إيمانية.
ونحسبه والله حسيبه قد ختم الله له بخير، وأن وفاته هذه من علامات حُسن الخاتمة، فلقد ارتقى وهو بين صحبة طيبة تعاهدت على الدعوة إلى الله، كما أنه قُبض وهو في طاعة لربه، وهذا من فضل الله على عباده.
ونحسبه – والله حسيبه – سيحشر على ما مات عليه، فمن مات ساجدًا يُحشر يوم القيامة ساجدًا، ومن مات صائمًا يحشر يوم القيامة صائمًا، ومن مات وهو يتلوا القرآن يُحشر يوم القيامة وهو يقرأ القرآن، ومن مات في زمرة صالحة طيبة يُحشر مع الصالحين يوم الحشر … وهكذا. فلقد مات الأخ شافعي وهو بصحبة إخوانه، مات وهو ويؤدي واجبًا من واجبات دعوته، ونحسبه – والله حسيبه – سيحشر في زمرة الصالحين الطائعين.

إنها مِيتة طيبة يتمناها كل عبد صادق، ولقد تذكرت الآن عددًا من الأحبة الدعاة الصالحين في مصر، كانوا رغم كبر سنهم ومرضهم يحرصون على الطاعات ومنها حضور برامج الدعوة وأنشطتها، وكان إخوانهم يشفقون عليهم بسبب حرصهم على الحضور رغم المرض، فكان ردهم: «نتمنى أن نموت في وسط الصالحين ونحن نؤدي واجب الدعوة». ولقد رأيت بعضهم خرج لخدمة دعوته رغم شدة مرضه ولم يرجع إلى البيت ولكن إلى المستشفى ثم منها إلى القبر. رحم الله الجميع.
لقد انتقل الأخ شافعي إلى جوار ربه وهو في صحة وعافية دون إنذار، وهكذا الموت لا يفرق بين كبير وصغير أو بين صحيح ومريض، أوبين غني وفقير. فكيف نأخذ نحن العبرة والعظة من هذا الموقف الذي سنمر به جميعًا؟ وكيف نستعد للقاء الله ونحذر الغفلة؟ وكيف نتحرز من موت الفجأة؟. قد روى الحافظ ابن عساكر في ترجمة الحسن بن هانئ أبي نواس الشاعر أنه قال: «أشعر الناس الشيخ الطاهر أبو العتاهية حيث يقول: الناس في غفلاتهم .. ورحى المنيَّة تطحن
فقيل له: من أين أخذت هذا؟ قال: من قوله تعالى: (اقْتَرَبَ لِلنَّاسِ حِسَابُهُمْ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ مُعْرِضُونَ) [الأنبياء:1]».
ولذلك أنصح نفسي وإخواني بما يلي:
1- لا بد من الاعتبار بالموت والاستعداد له، فكفى بالموت واعظًا. ففي حديث النبي ﷺ: «الكيس من دان نفسه وعمل لما بعد الموت، والعاجز من أتبع نفسه هواها وتمنى على الله الأماني».
2- مداومة الاستغفار والتوبة إلى الله تعالى، ورد الحقوق إلى أصحابها، وطلب العفو والصفح ممن تجاوزنا معهم، وألا نحمل في صدورنا غلًا أو حقدًا لأحد من عباده.
3- المسارعة إلى الطاعات وفعل الخيرات، فيوم القيامة يندم البعض على التقصير ويقول أحدهم: (يَا لَيْتَنِي قَدَّمْتُ لِحَيَاتِي).
4- عدم الاغترار بالدنيا وما فيها من مناصب وأموال وأعمال وصحة وأولاد، فكلها أعراض زائلة، والموت يأتي بغتة، ولا ينفع المرء إلا عمله الصالح.
5- الحرص على مجالسة الصالحين، وعدم التخلف عن برامج الدعوة أو التقصير في واجباتها بحجة الانشغال بأمور الحياة والمعاش.
6- أن نحرص في حياتنا على ترك أثر صالح ينفعنا بعد موتنا، ويذكرنا غيرنا بالخير بعد الموت بما تركناه من أثر، ومن أفضل الآثار، الدعوة إلى الله وتربية الجيل الذي يعمل لدين الله.
7- أن نتمنى دائماً وبصدق أن يُحسن الله خاتمتنا، وأن نعمل لذلك ونتحرى ذلك، فمن كان صادقًا مع الله كان الله صادقًا معه. «رجل صدق الله فصدقه الله».
﴿يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ ارْجِعِي إِلَىٰ رَبِّكِ رَاضِيَةً مَرْضِيَّةً فَادْخُلِي فِي عِبَادِي وَادْخُلِي جَنَّتِي﴾
وفي الختام: ندعو الله سبحانه بالرحمة والمغفرة للأخ الأستاذ شافعي، وخالص العزاء لأهله ولإخوانه، كما ندعوه سبحانه ألا يدعنا في غمرة ولا يأخذنا على غرة ولا يجعلنا من الغافلين. فلقد كان من دعاء سيدنا أبو بكر الصديق – رضي الله عنه -: «اللهم لا تدعنا في غمرة، ولا تأخذنا على غرة، ولا تجعلنا من الغافلين».
والحمد لله رب العالمين
zadussaerin
قال رسول الله ﷺ: «إذا أراد الله بعبدٍ خيرًا، استعمَله»، قيل: كيف يستعمله؟ قال: «يوفِّقه لعملٍ صالح قبل الموت، ثم يقبضه عليه.»