كل ما كان لله يبقى – د. محمد حامد عليوة

كل ما كان لله يبقى – د. محمد حامد عليوة
«الألقاب تنسى، والمناصب تفنى، والآثار تمحى، وثناء الناس يَبلى، ولا يبقى من الأعمال إلا ما كان خالصًا لله.
نعم. لن يدوم لك إلا ما قدمته لوجه ربك، ينمو عنده فتحيا ببركته في حياتك، وتنال درجته بعد مماتك، فكل ما كان لله يبقى وما كان لغير الله يفنى».

نعم.. «ما كان لله يبقى»، قالها الإمام مالك بن أنس عندما كتبَ الموطأ، يوم أن قال له أحدهم: «ما حاجة الناس إليه وكتب الحديث كثيرة؟»
فقال مالك: «ما كان للهِ يبقى»، ولأنه كان مخلصًا لربه وكان كله لله، بقيَ الموطأ، بقي أثرًا في ميزان حسنات صاحبه، وبركة من بركات الإخلاص لله تعالى.

إنه الإمام مالك بن أنس الذي أورد الإمام الذهبي في كتابه (سير أعلام النُّبلاء) أن عبد الله بن المبارك – رحمه الله – قال فيه: «ما رأيتُ رجلًا ارتفعَ كمالك بن أنس، ليس له كثير صيامٍ ولا صلاة، وإنما كانتْ له سريرة.»

إنها السريرة التي بها تتحقق البركة في الأعمال وإن قلت، وبها تذيع وتنتشر بين الخلق وإن أخفاها صاحبها، فليس شيءٌ أحبّ إلى الله من خبيئة صالحة يجعلها العبدُ بينه وبين ربّه، لا تطلعُ عليها الأعين لتمدحها، ولا تسمعها الأذن لتثني عليها، يفعلها صاحبها وليس في نيته إلا الله، واثقًا أنه سبحانه لا يُضيعٌ أجر من أحسن عملا.

تأملوا في دعاء الإمام أحمد بن حنبل: «اللهم أمتني ولا يعرفني أحد من خلقكَ»، ولأن الله اطلع على قلبه فوجد إخلاصًا وتجردًا؛ نجده مات ولا يجهله أحدًا من الناس، وبقي بن حنبل إمامًا من آئمة الإسلام في فقه الدين له مذهبه الخالد إلى يوم الدين.

نعم.. صدق الإمام مالكٍ بن أنس حين قال: (ما كان للهِ يبقى)، وما كان لغير الله يفنى ويبلى، وما كان لله دام واتصل وما كان لغير الله انقطع وانفصل، فلنحرر نياتنا من كل دخيلة ولنطهر أعمالنا من كل شائبة.

اترك تعليقا