فهذا المنبوذ كان يوماً يقول -متباهياً- وسط قومه وبين حاشيته، (يَا قَوْمِ أَلَيْسَ لِي مُلْكُ مِصْرَ وَهَٰذِهِ الْأَنْهَارُ تَجْرِي مِن تَحْتِي ۖ أَفَلَا تُبْصِرُونَ). ووقف متكبراً متعالياً في ملأ من قومه يقول: (يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ مَا عَلِمْتُ لَكُم مِّنْ إِلَٰهٍ غَيْرِي). وواصل جبروته وفرعنته وعلوه أن نادى قومه وحشرهم، وقال لهم: (أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلَىٰ).
ها هو -الطاغية المتكبر- تُصوره الآية مأخوذاً منبوذاً هو وجنوده!!. فأين ملكوته؟! .. وأين جبروته؟! .. وأين جنوده وحاشيته؟!.
إنها سنة الله في الأولين، التي لا تتبدل ولا تتحول في الآخرين، الذين يظلمون الناس، ويستكبرون في الأرض، ويمكرون بالعباد المكر السيئ، (اسْتِكْبَارًا فِي الْأَرْضِ وَمَكْرَ السَّيِّئِ ۚ وَلَا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلَّا بِأَهْلِهِ ۚ فَهَلْ يَنظُرُونَ إِلَّا سُنَّتَ الْأَوَّلِينَ ۚ فَلَن تَجِدَ لِسُنَّتِ اللَّهِ تَبْدِيلًا ۖ وَلَن تَجِدَ لِسُنَّتِ اللَّهِ تَحْوِيلًا (43)) فاطر.
قال محمد بن كعب القرظي: «ثلاث من فعلهن لم ينج حتى ينزل به من مكر أو بغي أو نكث، وتصديقها في كتاب الله: (وَلَا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلَّا بِأَهْلِهِ) فاطر 43. (إِنَّمَا بَغْيُكُمْ عَلَىٰ أَنفُسِكُم)يونس 23، (فَمَن نَّكَثَ فَإِنَّمَا يَنكُثُ عَلَىٰ نَفْسِهِ) الفتح 10.» .
ويعلق الإمام الطبرى في تفسيره على قوله تعالى: (فَانظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الظَّالِمِينَ)، فيقول: «فانظر يا محمد بعين قلبك: كيف كان أمر هؤلاء الذين ظلموا أنفسهم فكفروا بربهم، وردّوا على رسوله نصيحته، ألم نهلكهم فَنُوَرِّثُ ديارهم وأموالهم أولياءنا، ونخوّلهم ما كان لهم من جنات وعيون وكنوز، ومقام كريم، بعد أن كانوا مستضعفين، تقتل أبناؤهم، وتُستحيا نساؤهم، فإنا كذلك بك وبمن آمن بك وصدّقك فاعلون مخوّلوك وإياهم ديار من كذّبك، وردّ عليك ما أتيتهم به من الحقّ وأموالهم، ومهلكوهم قتلا بالسيف، سنة الله في الذين خلوا من قبل».
أيها الأحبة:لايتطرق اليأس إلى قلوبكم، مهما علا الباطل واستكبر هو وجنوده، فسرعان ما يأخذهم الله أخذ عزيز مقتدر، ولا تنشغلوا بمتى وكيف هذا؟ فهو أمر محتوم وقدر مكتوب على كل متكبر جبار، ولكن انشغلوا برعاية النفس وبذل الجهد والثبات على الحق وصحبة أهل الحق.
غير معروف
والله ان هذا لهو القول الفصل الذي يشفي العليل ويريح النفوس التي اضناها. الظلم والمكايد والم
كر السيءكر السيء