حاولت قريش استغلال قصة الإسراء والمعراج في التشكيك وإثارة الفتنة في الصف المسلم، وتشويه شخصية القيادة النبوية ﷺ واتهامها بالكذب، وصد المسلمين عن دينهم، و بلغ بهم الغرور أن يطمعوا في أبي بكر رضي الله عنه؛ فقالوا له: «أسمعت ما قال صاحبك؟إنه يزعم أنه أتي بيت المقدس وعاد في جزء من الليل ونحن نضرب إليها أكباد الإبل شهراً ذهاباً وشهراً إياباً». فقال لهم رضي الله عنه: «لئن كان قال فقد صدق. إني أصدقه في أبعد من ذلك. أصدقه في الوحي يأتيه من السماء في ساعة من ليل أو نهار».
وهكذا فشلت المؤامرة، وتحطمت على صخرة الثقة في القيادة، ومن يومها ولقب (الصديق) لم يفارق أبا بكر رضي الله عنه.
وحينما حاول بعض أقارب القائد خالد بن الوليد -رضي الله عنه- بعد عزله أن يثير حفيظته ضد الخليفة عمر بن الخطاب – رضي الله عنه – صاحب القرار لم يستمع إليهم، وعندما حضرته الوفاة، قالوا له : من يكون ولياً على بناتك من بعدك؟ قال: «عمر»، ولم يقدم عليه أحدً من عصبته ولا قرابته.
وفي تاريخ الإخوان المسلمين، الكثير من المواقف التي أكدت أن الثقة فى القيادة، والإلتفاف حولها، قد أفسدت كثير من المؤامرات التى حاكها الظالمون والطغاة والأعداء بالدعوة، منها موقفين:
1-الموقف الأول: عندما حاول جمال عبد الناصر استغلال الخلاف بين الأستاذ محمد حامد أبوالنصر المرشد الرابع للإخوان وعضو مكتب الإرشاد آنذاك، وبين الأستاذ حسن الهضيبي المرشد الثاني، والتقي عبد الناصر بالأستاذ محمد حامد أبو النصر لإذكاء الفتنة، فما كان منه رحمه الله إلا أن قال لعبد الناصر في وضوح وجلاء : «إن الأستاذ حسن بك الهضيبي بصفته مرشداً لجماعة الإخوان المسلمين إذا أصدر أمراً ينفذ به قرار الجماعة، فإن الجندي محمد حامد أبو النصر علي استعداد أن يضع رقبته تحت حذائه»
ووئد الفتنة في مهدها بتجديد الثقة في القيادة ودفع الأستاذ أبو النصر ثمناً غالياً لهذا الموقف، (نحو ربع قرن قضاها في سجون الظلم والطغيان).
2-الموقف الثاني: ذكره الأستاذ محمد مهدى عاكف (المرشد السابع للإخوان المسلمين) فى حوار له مع مجلة المجتمع الكويتية عام 2004م. فقد كان البعض يظن أن الأستاذ عاكف لم يكن منسجماً مع الأستاذ حسن الهضيبي بعد أن تولى منصب المرشد خلفاً للإمام البنا. فيذكر الأستاذ مهدي عاكف هذه الواقعة:
«في إحدى المرات.. اجتمعت الهيئة التأسيسية، لبلورة موقف الإخوان من الأحزاب وغيرها، وقد كان للأستاذ حسن الهضيبي رأي، مخالف رأي الهيئة التي كانت ترى تأكيد مبدأ عدم دخول الانتخابات؛ خروجا من حيز الأحزاب، وقد اجتمعت الهيئة لإقرار هذا المبدأ، وتأكيده.
كانت الصحافة تنتظر خروج الأستاذ الهضيبي ليدلي بتصريحات، وتنتظرني أيضاً لأدلي بتصريحات مخالفة له، فأردت أن أصفع من ينتظرون معركة تصريحات بيني وبين الأستاذ الهضيبي، وبينما نحن خارجون وينظر الجميع إلينا مترقبين ما سيحدث، اتجهت الى الأستاذ الهضيبي، وتناولت يده فقبلتها وأفسدت بذلك كل ما كان يخططون له وينتظرون حدوثه، حتى إن أحدهم قال لي من غيظه: يا منافق!»
فالثقة من ركائز الدعوة، وأحد مصادر قوة البناء النفسي والتنظيمي للصف، وبقدر الثقة المتبادلة بين الأفراد تكون قوة الصف، وبقدر ثقة الصف في قيادته تكون قوة الجماعة.
وما أحوجنا إلى هذه الثقة في ظل الحرب الضروس التي يشنها إعلام الفتنة على الجماعة قيادة ومنهجاً وتاريخاً وأفراداً.
wafaa.mashhour20
جزاكم الله خيرا مرسل من هاتف Samsung Galaxy الذكي.