احملوا التبعة واثبتوا للمحنة – بقلم: الإمام حسن البنا
«اسمحو لي -أيها الإخوة- أن أذكركم بأن الدنيا كلها في حاجة إلى النور يُسعدها، ويُضىء لها ويهديها، وهو في يديكم أنتم من كتاب الله، وشريعة القرآن، ونظام الإسلام.
فتهيئوا لتُنيروا الدنيا بما أفاض الله عليكم من نوره، ﴿قَدْ جَاءَكُم مِّنَ اللَّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُّبِينٌ (15) يَهْدِي بِهِ اللَّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلَأمِ وَيُخْرِجُهُم مِّنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ وَيَهْدِيهِمْ إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ (16)﴾ المائدة».
إن الدنيا كلها تائهة ضالة حائرة، تبحث عن الحق والخُلق والمثل العليا فلا تجده فيما لديها من نُظم وفلسفات ومبادئ، ولكن هذا كله معكم أنتم وبين أيديكم.. وهذه هي مهمتكم الأولى للدنيا، ورسالتكم العُظمي للإنسانية: أن تُحرروها وتُنقذوها وتُسعدوها، فلا تنسوا هذا أبداً واذكروه دائماً، وتهيئوا له، فهي مهمتنا كربانيين قرآنيين، وورثة الكتاب المبين:(كِتَٰبٌ أَنزَلْنَٰهُ إِلَيْكَ لِتُخْرِجَ ٱلنَّاسَ مِنَ ٱلظُّلُمَٰتِ إِلَى ٱلنُّورِ) إبراهيم:1
«اذكروا -أيها الإخوان- أنكم أنتم الطليعة، وجيش الإنقاذ والخلاص، فاحملوا التبعة، واثبتوا للمحنة، حتى يوافيكم نصر الله، وستتوالى عليكم الحوادث كما كانت تتوالى على من قبلكم، وتشتد بهم، ﴿حَتَّىٰ يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ مَتَىٰ نَصْرُ اللَّهِ أَلَا إِنَّ نَصْرَ اللَّهِ قَرِيبٌ﴾ (البقرة : 214)».
—————————–
المصدر: جزء من كلمة ألقاها الإمام حسن البنّا فى مؤتمر حاشد وإحتفال كبير للإخوان بمدينة الإسماعيلية بمناسبة مرور عشرين سنة على إنطلاق الدعوة فى الإسماعيلية.
احتفل الإخوان المسلمون في جميع الشعب والمناطق بالقطر المصري احتفالات تكشف عن روعة دعوتهم بمناسبة مرور عشرين عاماً على تأسيس أول شعبة في الإسماعيلية في شهر ذي القعدة سنة 1347 هِ الموافق لشهر مارس سنة 1928م، حيث بلغ عدد شعب الإخوان حتى اليوم ألفاين (2000) في مصر وخمسين (50) في السودان والبلاد العربية والإسلامية، وبلغ عدد الإخوان العاملين نصف مليون وبعد صدور القانون رقم 49 لعام 1945م أنشئت طبقاً لنصوصه أقسام البر والخدمة الاجتماعية “للإخوان المسلمون”.
وبهذه المناسبة عقد الإخوان في مدينة الإسماعيلية مهد الدعوة ومركزها الأول مؤتمرا إسلامياً كبيراً حضره آلاف من رجال الإخوان من جميع الشعب ، كما حضره مندوبون من الإخوان في البلاد العربية والإسلامية، وشارك أيضاً بعض الزعماء الذين يعملون في حقل الدعوة الإسلامية في العالم.
واستعرض فضيلة المرشد وصحبه الكرام وجميع المدعوين أكبر عرض للجوالة والكشافة، إذ تجاوز عددهم العشرة آلاف بملابسهم الكشفية وموسيقاهملا وأناشيدهم الإسلامية الحماسية تتقدمه الموتوسكيلات والسيارات وأعلام المناطق، وعلى رأس هذا العرض الكبير حرس شرف حول الأخ حامل المصحف الشريف، واستمر هذا المؤتمر ثلاثة أيام متتالية شهدت فيها الإسماعيلية أبهى أيامها، حيث ارتفعت اللافتات والأعلام ترحب برجال الدعوة الإسلامية وضيوف الإخوان، وهبت المدينة ترحب بالوافدين ففتح أهلها بيوتهم ومدارسهم وجميع المساجد لتكون دوراً للضيافة.
وصدر عدد خاص من جريدة (الإخوان المسلمون) اليومية بمناسبة مرور عشرين عاما في يوم 4 ذي القعدة 1368 هِ الموافق 5 سبتمبر 1948م يصف المؤتمر وينشر صور عرض الجوالة والخطباء في الحفل وأفراح أهالي مدينة الإسماعيلية بهذه المناسبة الطيبة.
وقد نشرت كلمة الإمام حسن البنا فى هذا الحفل الكبير تحت عنوان: (يوم الدعوة الخالد في الإسماعيلية)، نُشر في جريدة (الإخوان المسلمون) بتاريخ (9 ذو القعدة 1367هـ، الموافق 12 سبتمبر 1948م).