المحنة في طريق الدعاة

المحنة في طريق الدعاة – بقلم: محمد عادل فارس
(1) مقدّمة
الصّراع بين الحقّ والباطل، وبين الخير والشّر، قديم قِدَمَ الإنسانيّة. فقد وقع أول نزاع بين ابني آدم: (إذ قرّبا قُربانًا فتُقُبّل من أحدهما ولم يُتقبّلْ من الآخر. قال لأقتُلنّك)، وقد نفّذ تهديده (فطوّعت له نفسه قتل أخيه فقتله) سورة المائدة: 30
ولم يتوقف الصِّراع بعد هذا، وسيبقى إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها.

وما دام الأمر كذلك، فلابد للحق من أقوام يدفعون عنه شر الأشرار، ويحمونه من البغي والعدوان. ولهذا كان الجهاد ماضيًا إلى يوم القيامة، شاء من شاء، وأبى من أبى (ولولا دفعُ الله النّاس بعضهم ببعض لهُدّمت صوامعُ وبيَعٌ وصلواتٌ ومساجدُ يُذكر فيها اسم الله كثيرًا). سورة الحج: 40.
وقد قال ربّنا سبحانه – عن موقف الكافرين منا -: (ولا يزالون يُقاتلونكم حتى يردّوكم عن دينكم إن استطاعوا). سورة البقرة: 217.
وللصراع بين الحقّ والباطل تبعات كثيرة، وعلى أهل الحقّ أن يُعدّوا أنفسهم لتحمّل هذه التّبعات، والصّبر على الشدائد والمحن التي تنزل بهم لأجل إيمانهم بالحقّ، ودفاعهم عنه.

وهيهات هيهات أن تقوم لدعوة الحقّ قائمة، وأن تبقى مبادئ الخير في خير، دون أن يكون هناك من يتحمّل المحنة في سبيلها، وينصرها، ويدفع ثمن ذلك، إذ أن سَدَنَةَ الشر، وأهل الباطل لن يتركوا أنصار الحقّ والخير، وسيبذلون غاية ما يستطيعونه لصرف هؤلاء عن حقهم، أو لإلحاق الأذى بهم، وإذًا لابدّ من وجود أناس قد روّضوا أنفسهم، واستعدوا لحمل الأمانة، والصبر على الشدائد والمحن، والتضحية بالغالي والنفيس في سبيل إيمانهم وعقيدتهم.

ومن هنا جاءت الآيات الكريمة تهيئ نفوس المؤمنين للصبر على البلاء، وتبيّن أن التعرّض للفتنة مقترن بالانتماء إلى هذا الدين، وأن الله تعالى لن يدع المؤمنين حتى يمحّصهم بالجهاد والابتلاء. (أم حسبتم أن تدخلوا الجنّة ولمّا يعلمِ الله الذين جاهدوا ويَعلَمَ الصّابرين). سورة آل عمران: 142.
والذين يحسبون إذًا أنهم يمكن أن يعملوا للإسلام، ويشترطوا السلامة من كل شدّة وامتحان. مخطئون!

(2) الابتلاء سنة ثابتة في الدعوات منذ القِِدَم.
وكما كان الصِّراع بين الحقّ والباطل منذ فجر البشرية، كان الابتلاء مقترنًا بهذا الصِّراع. وقد وضّحت الآيات الكريمة هذه الحقيقة بأجلى بيان. قال عزّ من قائل: (ألم. أحسِب النّاس أن يُتركوا أن يقولوا آمنّا وهم لا يُفْتَنون. ولقد فتنا الذين من قبلهم فليعلمنّ الله الذين صدقوا وليعلمنّ الكاذبين). سورة العنكبوت: 1-3. فالابتلاء سنّة ثابتة منذ القِدَم.
ومن المعلوم أن الهمزة في كلمة (أحَسِبَ) للاستفهام الإنكاري، فهو إنكار على الناس أن يحسَبوا أن الله تعالى يتركهم من غير امتحان واختبار بعد أن يقولوا: (آمنا)، بل عليهم أن يعلموا أن هذا الحسبان باطل.

ولم يألُ رسول الله ﷺ جهدًا في تأكيد هذا المعنى في أكثر من مناسبة. ولعلّ أشهرها جوابه لخباب رضي الله عنه:
روى البخاري عن أبي عبد الله خباب بن الأرت رضي الله عنه قال: شكونا إلى رسول الله ﷺ
وهو متوسّد بُردةً في ظل الكعبة فقلنا: ألا تستنصر لنا؟ ألا تدعو لنا؟ فقال: «قد كان من قبلكم يُؤخذ الرجل فيُحفر له في الأرض، فيُجعلُ فيها، ثم يُؤتى بالمنشار فيوضع على رأسه فيجعل نصفين، ويمشط بأمشاط الحديد، ما دون لحمه وعظمه، ما يصدُّه ذلك عن دينه. والله ليُتِمَّنَّ الله هذا الأمر حتى يسير الراكب من صنعاء إلى حضرموت، لا يخاف ألا الله، والذئب على غنمه، ولكنكم تستعجلون».

ففي هذا الجواب توطين للنفوس على الصَّبر، وتأكيد أن المحنة سنة جارية، وأن الأمم السابقة امتُحِنت بأشد أنواع المحن فصبرت، ولا ينبغي أن يكون أبناء هذه الأمة أقل صبرًا، وأن الفرج آتٍ، والنّصر قادم بإذن الله.
وإن الشدائد والبلايا ليست خاصة بالمؤمن، بل تصيب البرّ والفاجر، لكنّ مسوغات وقوعها على المؤمن أكثر، تنقية للصف، واختبارًا لقوة الإيمان، ورفعًا للدرجات. تدبّر قول الله تبارك وتعالى:
(إن تكونوا تألمون فإنّهم يألمون كما تألمون، وترجون من الله ما لا يرجون. وكان الله عليما حكيمًا). سورة النّساء: 104 (وهي في مجال الصبر على جهاد الكفار).
وسئل النبي ﷺ: أيُّ الناس أشدّ بلاء؟ قال: «الأنبياء، ثم الأمثل فالأمثل». رواه أحمد والبخاري والترمذي وابن ماجه والدّارمي.

(3) النّاس أصناف في مواجهة الشدائد
والناس في مواجهة الشدائد والمحن أصناف مختلفة.
فمنهم من يضعُف، وربّما تنكّب طريق الحقّ، حرصـًا على الحياة والرزق، وخوفًا من عذاب النّاس. وقد أشـار القرآن الكريم إلى هذا الصـنف في قولـه تعالى: (ومن النّاس من يقـول آمـنّا بالله. فإذا أوذي فـي الله جعل فتـنـة النّاس كعذاب الله). سورة العنكبوت: 10. وموقفهم هذا ناشئ عن الجهل، أو ضعف الإيمان، أو الهزيمة النّفسيّة التي يعيشونها. ولقد قرر القرآن الكريم بوضوح أن الحياة والرزق بيد الله وحده، وأن العباد لا يملكون منهما شيئًا:
(والله الذي خلقكم ثم رزقكم، ثم يميتكم ثم يحييكم. هل من شركائكم من يفعل من ذلكم من شيء). سورة الروم: 40.

وربما زاد بعضهم على هذا الخوف نقيصةً أخرى، فراح يهاجم العاملين للإسلام، متهمًا إياهم بالجهل، ومفتشًا عن أخطائهم، لعل ذلك – في تقديره – يطمس الحقيقة، ويستر خوفه وجبنه وضعف إيمانه، فيظهر أمام الناس حكيمًا كيّسًا، لا جبانًا منهزمًا.
نعم قد يكون الابتلاء نتيجة مخالفة وأخطاء، كما حدث في غزوة أحد عندما خالف الرّماة الأوامر، وقد ينزل من دون تلك المقدمات والأخطاء، كما حدث للذين آمنوا بالله عزّ وجلّ، فأمر الملك الظالم بحفر الأخدود، وإضرام النار فيه، ثم ألقي المؤمنون في النار (وما نقموا منهم إلا أن يؤمنوا بالله العزيز الحميد).

ومنهم صنف يُقابل ذلك الصنف الضعيف، لا تهزه العواصف، ولا تزحزحه المحن. يشق طريقه غير عابئ بما يلاقيه في سبيل الله عز وجلّ. يستعذب العذاب، ويستسهل الصعب. ولقد كان هذا الصنف هو الغالب في جيل الصحابة، وكانت مواقفه وتضحياته سببًا في انتصار الحقّ وبقائه. وقد تمثلت حقيقة هذا الصنف في مواقف كثيرة كموقف أنس بن النّضر في أحد، عندما أشيع أن رسول الله ﷺ قد قُتل، فقال أنس: «فماذا تصنعون بالحياة بعده؟ قوموا فموتوا على ما مات عليه». ثم استقبل القوم فقاتل حتى قُتِل.

وموقف زيد بن الدَّثِنَّة حين قدّمه المشركون للقتل فسأله أحدهم: «أَنْشُدُك الله يا زيد، أتحب أن محمدًا عندنا الآن في مكانك نضرب عنقه، وأنت في أهلك؟»قال: «والله ما أحب أن محمدًا الآن في مكانه الذي هو فيه تُصيبه شوكة تؤذيه، وأني جالس في أهلي!»

وموقف خبيب بن عديّ حين قدموه ليصلبوه فقال شعرًا، منه:
ولست أبالي حين أُقتل مسلمًا .. على أي جنب كان في الله مصرعي
ولست بمبدٍ للعـدوّ تخشُّعـًا .. ولا جزعـًا، إنّي إلى الله مرجـعي

وقد نوّه القرآن الكريم بهذا الصنف، وذلك في قول الله تبارك وتعالى: (وكأيّن من نبيّ قاتل معه رِبّيّون كثير، فما وهنوا لما أصابهم في سبيل الله، وما ضعُفوا وما استكانوا. والله يحبّ الصّابرين). سورة آل عمران: 146.
وفي قوله سبحانه: (من المؤمنين رجالٌ صدقوا ما عاهدوا الله عليه. فمنهم من قضى نَحْبَهُ، ومنهم من ينتظر. وما بدّلوا تبديلًا). سورة الأحزاب: 23.

– وثمة صنف ثالث يشتدّ تارة ويقوى، ويضعف تارة أخرى. وهذا الصّنف وإن كان فيه بقية خير، فإنه لا يعوّل عليه، فقد يخذل الدعوة في أصعب الظروف.
فمن أيّ هذه الأصناف تريد أن تكون؟

(4) فوائد الشدائد
الإسلام نهى المسلم عن أن يتمنى الشدائد ولقاء الأعداء، وأمره أن يسأل الله العافية، ولكن إذا قدّر الله له أن يُواجه شدّة، وأن يلقى عدوًا فليصبر وليثبُتْ.
ومع ذلك ففي الشدائد فوائد وحِكَم، فالله سبحانه أحكم وأرحم من أن يبتلي المؤمنين، من غير أن يكون وراء هذا الابتلاء حكمة بالغة!
وهذه الحكمة تدور حول اختبار حقيقة الإيمان وعمقه في نفس المؤمن، وكشف الضعفاء والدخلاء في الصف، وتوحيد كلمة المؤمنين ورصّ صفوفهم، ورفع درجة المسلم الصابر وتكفير سيئاته.

اقرأ هذه الآيات الكريمة لتقتبس من أنوار الهداية في شأن الشّدائد والمحن:
(ولو يشاء الله لانتصر منهم. ولكن ليَبْلُوَ بعضكم ببعض). سورة محمد: 4.
(ولقد فتنّا الذين من قبلهم فليعلمنّ الله الذين صدقوا وليعلمنّ الكاذبين). سورة العنكبوت: 3.
(ولنبلونكم حتى نعلم المجاهدين منكم والصّابرين ونبلوَ أخباركم). سورة محمد: 31.
(ما كان الله ليَذَرَ المؤمنين على ما أنتم عليه حتى يَمِيزَ الخبيث من الطيب). سورة آل عمران: 179.
وهكذا فالمحن تكشف الصادق من الكاذب، وتُسقط الخائفين والجبناء، وتوجه القلوب إلى الله، وتجمع العاملين على عظائم الأمور وتنتشلهم من سفسافها! وتنبّه الغافلين، وتحرّك الكسالى وتدفعهم إلى الجدّ والعمل.

(5) لماذا يتحمل المسلم الصادق الشدائد؟
وقد يعجب أرباب القلوب الميتة وضعاف الإيمان من تحمُّل المسلم الشدائد، وصبره عليها، ناسين أن المسلم إنما يفعل ذلك لدفعِ عذابٍ أقسى، وشدائدَ أعظم، فهو يعلم أن عذاب النّاس مهما بلغ، لا يُعَدُّ شيئًا بجنب عذاب الله سبحانه. وهو بهذا يتخلّص من العذاب الأكبر بتحمّل العذاب الأدنى.

وكذلك فإن المسلم يتحمل ما يتحمله، طمعًا بما عند الله من ثواب وأجر، وبما أعده من نعيم مقيم للثابتين الصابرين، فإن العاقل إذا عرف ما أعدّه الله سبحانه له، هان عنده ما يلقاه وما يتحمّله، ثمنًا لنعيم مقيم، وجنة عرضها كعرض السماء والأرض.
(إنّ الله اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأن لهم الجنّة يُقاتِلون في سبيل الله فيَقتُلون ويُقتلون وعدًا عليه حقًا في التوراة والإنجيل والقرآن ومن أوفى بعهده من الله).

(6) صور من تحمّل الأذى والشدائد
وأخيرًا لا بدّ أن نعرض صورًا من تحمل رسول الله ﷺ وأصحابه الكرام. فإذا كان الابتلاء نال رسول الله ﷺ – وهو خير الخلق وأحبّهم إلى الله تعالى – فكيف نريد أن ينجو غيره؟ وإذا كان الابتلاء قد نزل بالصحب الكرام رضي الله عنهم فهل نحن أفضل منهم؟ وهل يمكن أن نُستثنى من هذه السنّة الإلهية، سنّة الابتلاء والامتحان؟

ومعلوم أن الامتحان والشدائد، أنواع وألوان، منها الجوع والعطش، ومنها السخرية والاستهزاء، ومنها الإغراء، ومنها التّهديد والحرب النّفسيّة، ومنها السّجن والهجرة، ومنها المقاطعة الاقتصادية وغيرها، ومنها الضرب والجراحة والقتل، ومنها ومنها. فإلى ما تيسّر من صور الشدائد والامتحان لنرى كم قاسى المؤمنون من قبلنا، وماذا دفعوا من ثمن حتى وصل إلينا هذا الدين، وماذا علينا نحن أن ندفع حتى يصل هذا الدين إلى من بعدنا!

وإن ما يلقاه الدّعاة إلى الله من ألوان المحن في هذا العصر، إنما هو استمرار لسنّة الله في الدعوات.
أ- قال رسول الله ﷺ: «لقد أوذيتُ في الله وما يُؤذى أحد، وأُخفت في الله وما يُخاف أحد، ولقد أتت عليّ ثلاثون من بين يوم وليلة، ومالي ولبلال ما يأكله ذو كبدٍ إلا ما يُواري إبط بلال!»
بعن منبت الأزدي قال: رأيت رسول الله ﷺ في الجاهليّة يقول: «يأيها الناس قولوا لا إله إلا الله تُفلحوا»
فمنهم من تَفَلَ في وجهه، ومنهم من حثا عليه التراب، ومنهم من سبَّه، حتى انتصف النّهار. فأقبلت جارية بعُسّ من ماء فغسل وجهه ويديه وقال: «يا بنية لا تخشي على أبيك غِيلة ولا ذِلّة” فقلت: من هذه؟ فقالوا: زينب بنت محمد».رواه الطبراني. [والعُسّ: القدح الكبير. والغيلة: القتل خديعةً].

جـ- أخرج البخاري عن عمرو بن العاص قال: بينما النبيّ ﷺ يصلي في حِجر الكعبة إذ أقبل عليه عقبة بن أبي مُعَيط فوضع ثوبه على عنقه فخنقه خنقًا شديدًا، فأقبل أبو بكر رضي الله عنه حتى أخذ بمنكبه ودفعه عن النبي ﷺ وقال: (أتقتلون رجلًا أن يقول ربي الله، وقد جاءكم بالبيّنات من ربكم) الآية.
ومن الأمور المشهورة ما فعله الشّقيّ عقبة بن أبي معيط من إلقاء فرث الجزور على رسول الله ﷺ وهو ساجد، وذلك بطلب وتحريض من أبي جهل!

د- أخرج البخاري ومسلم عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت للنبيّ ﷺ: هل أتى عليك يوم كان أشدَّ من يوم أحد؟ قال: «لقد لقيتُ من قومك ما لقيتُ، وكان أشدّ ما لقيتُ منهم يوم العقبة إذ عرضتُ نفسي على ابن عبد كلال فلم يجبني إلى ما أردتُ، فانطلقتُ وأنا مهموم على وجهي فلم أستفقْ إلا وأنا بقرن الثعالب، فرفعت رأسي فإذا أنا بسحابة قد أظلتني فنظرت فإذا فيها جبريل فناداني فقال: إن الله قد سمع قول قومك لك وما ردّوا عليك، وقد بعث إليك مَلَكَ الجبال لتأمره بما شئتَ فيهم، فناداني مَلَكُ الجبال فسلّم عليّ ثم قال: يا محمد فقال: إن شئت أن أُطْبِق عليهم الأخشبين! فقال النبي ﷺ: بل أرجو أن يُخْرِج الله من أصلابهم من يعبد الله وحده لا يشرك به شيئًا».

هـ- تحمّل الجراح والأذى في ملاقاة العدوّ
أخرج الشيخان والترمذي عن أنس رضي الله عنه أن النبي ﷺ كُسِرت رَباعيّتُه يوم أحد، وشُجّ في رأسه، فجعل يسلتُ الدم عنه ويقول: «كيف يُفلح قوم شَجّوا نبيهم، وكسروا رَباعيّته وهو يدعوهم إلى الله؟ ” فأنزل الله عزّ وجلّ (ليس لك من الأمر شيء). الآية»، وعند الطبراني في الكبير عن أبي سعيد رضي الله عنه قال: أصيب وجهُ النبي ﷺ يوم أحد فاستقبله مالك بن سنان فمصّ جرحه ثم ازدردَه، فقال ﷺ: «من أحبّ أن ينظر إلى من خالط دمه دمي فلينظر إلى مالك بن سنان».
[ومعنى يسلت: يمسح، وازدرده: ابتلعه. ومالك بن سنان هو أبو سعيد الخدري رضي الله عنه].

و- وفي واقعة أراد بها أبو بكر رضي الله عنه الظهور وإعلان الدّعوة على الملأ «ثار المشركون على أبي بكر وعلى المسلمين فضُربوا في نواحي المسجد ضربًا شديدًا ووطئ أبو بكر وضرب ضربًا شديدًا ودنا منه الفاسق عتبة بن ربيعة فجعل يضربه بنعلين مخصوفتين ويحرفهما لوجهه ونزا على بطن أبي بكر حتى ما يعرف وجهه من أنفه وجاء بنو تيم يتعادون فأجلت المشركين عن أبي بكر في ثوب حتى أدخلوه منزله ولا يشكّون في موته».

ز- ولما أسلم عثمان رضي الله عنه أوثقه عمّه الحكم بن أبي العاص مدّة ثم تركه.
حـ- وعن مسعود بن خراش: «بينما نحن نسعى بين الصفا والمروة إذا أناس كثير يتبعون فتى شابًا موثقًا بيده في عنقه قلت ما شأنه؟ قالوا: هذا طلحة بن عبيد الله صبأ، وامرأة وراءه تدمدم وتسبّه. قلتُ: من هذه؟ قالوا: أمه».
ط- وكان عمّ الزبير يُعلق الزبير في حصير ويدخن عليه بالنار وهو يقول: «ارجع إلى الكفر»
.فيقول الزبير: «لا أكفر أبدًا».

ي- وكان المشركون يعذبون بلالًا برمضاء مكة في حر الظهيرة يلصقون ظهره بالرمضاء ويصفّون الحجارة على صدره وهو يقول: أحدٌ أحد.
ك- وعن عروة عن عائشة رضي الله عنها أنها كانت تقول: «والله يا ابن أختي إن كنا لننظر إلى الهلال ثم الهلال ثم الهلال، ثلاثة أهلة في شهرين، وما يوقد في بيت رسول الله نار».
ل- وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: «كان رسول الله ﷺ يبيت الليالي المتتابعة وأهله، طاوين لا يجدون عشاءً، وإنما كان أكثر خبزهم الشعير».

م- وهذا خباب بن الأرت يقول للفاروق رضي الله عنهما: «يا أمير المؤمنين لقد رأيتني يومًا أخذوني فأوقدوا لي نارًا ثم سلقوني فيها (ألقوني) ثم وضع رجلٌ رجله على صدري فما اتقيت الأرض إلا بظهري ثم كشف عن ظهره فإذا هو قد برص».

ن- ويمر رسول الله ﷺ بآل ياسر فيقول: «أبشروا آل ياسر» قال أبو عمار: يا رسول الله، الدهرُ هكذا! فقال: «صبرًا آل ياسر. اللهم اغفر لآل ياسر، وقد فعلت». وقد كانت سمية أم عمار أول شهيد في الإسلام.

س- وقد قاطع المشركون المسلمين ثلاث سنين وعزلوهم في شعب أبي طالب حتى أكلوا ورق الشجر، وكتبوا بذلك صحيفة علّقوها في جوف الكعبة.
ع- وهذا مصعب بن عمير الفتى الناعم الذي نشأ في بيت عزّ وغنى، نال الشهادة يوم أحد، فلم يجدوا لتكفينه إلا بردة إذا غطوا بها رأسه بدت رجلاه، وإذا غطوا رجليه بدا رأسه.

وصور الشدائد والابتلاء كثيرة متنوعة، تحفل بها كتب السيرة والتاريخ في عصوره جميعًا. فأين يذهب الذين ينتمون إلى الإسلام والعمل الإسلامي، ويشترطون السلامة التامة؟
اللهم إنا نسألك العافية، كما نسألك الصبر على البلاء.

اترك تعليقا