تجارة رابحة وفوز عظيم

تجارة رابحة وفوز عظيم – بقلم: الإمام حسن البنا – رحمه الله

يقول المولى تبارك وتعالى (إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَىٰ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُم بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ ۚ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ ۖ وَعْدًا عَلَيْهِ حَقًّا فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنجِيلِ وَالْقُرْآنِ ۚ وَمَنْ أَوْفَىٰ بِعَهْدِهِ مِنَ اللَّهِ ۚ فَاسْتَبْشِرُوا بِبَيْعِكُمُ الَّذِي بَأيَعْتُم بِهِ ۚ وَذَٰلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ) التوبة 111

تجارة رابحة وفوز عظيم
ليس عجيباً أن يعقد الحق – تبارك وتعالى – بينه وبين المؤمنين ذلك العقد المحكم، فيكون هو المشترى وهم البائعين السلعة والنفس والدم والروح، والجزاء الجنة، وكيفية التسليم: جهاد في سبيل الحق، وفناء في حراسة هذا الدين، وهل تُؤدى مهمة المؤمن الحق بأقل من هذا الثمن؟

كتب هذا العقد المُحكم على صفحات التوراة والإنجيل والقرآن، وشهد عليه عيسى وموسى ومحمد وجبريل، وليس أحد أوفى بعهده من الله.

فما أربحها من تجارة، وما أجزله من ثواب، وما أقدسها من بشرى (فَاسْتَبْشِرُوا بِبَيْعِكُمُ الَّذِي بَأيَعْتُم بِهِ ۚ وَذَٰلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ) التوبة 111.

تجارة رابحة وفوز عظيم

قالوا: إن هذه الآية حين نزلت فرح بها عامة الصحابة فرحًا شديدًا، ووجد خاصتهم في أنفسهم شيءًا؛ إذ قالوا:
أيشترى الله ماهو ملك له؟
وكيف يشترى المالك ملكه؟
أوقد غلب علينا العقوق حتى لانسلم لله وديعته إلا بثمن؟
فما أعلى هذا المشهد، وما أسمى هذا المقام.

أيها المسلمون اليوم، إن نفوسكم ليست ملكاً لكم، ومع هذا فقد اشتراها الله منكم، وإن مهمتكم وإيمانكم وعزتكم لاتكتمل بغير إنفاذ هذا البيع وتسليم الأمانة مهما حاولتم، وإن الأمانة ستسلم طوعاً أو كرهاً (أَيْنَمَا تَكُونُوا يُدْرِككُّمُ الْمَوْتُ وَلَوْ كُنتُمْ فِي بُرُوجٍ مُّشَيَّدَةٍ ۗ) النساء 78، ولن يمنعها القعود من القتل إن كتب عليها، ولن يحدوها الإقدام إليه إن منحها الله إياه. ففيم القعود إذن ؟

———————————
المصدر: من مقال للإمام البنا، نشر بمجلة الإخوان المسلمين، تحت عنوان (العسكرية عهد)، فى 20 رجب 1355 هـ، الموافق 6 أكتوبر 1936م.

—————————–

اترك تعليقا