ما غرسته يد الله لن تنال منه يد البشر – بقلم: د. محمد حامد عليوة
ستظل دعوة الحق غالبة ظاهرة، لا يضرها من خذلها، وسيبقى موكب النور يبدد الظلام رغم فتن الليل المظلم، وسترسو سفينة الدعوة على بر الأمان رغم الأمواج العاتية، (إن شاء الله تبارك وتعالى).
فدعوة الله هي غرسه جل في عُلاه، وما غرسته يد الله لن تنال منه يد البشر، وستؤتي شجرة الدعوة أُكلها كل حين بإذن ربها. والكيس من عاش في ظلالها، وحافظ على أصولها، وبذل في رعايتها ونموها، حتى ينعم بثمارها في الدنيا والآخرة.
دعوة الإسلام .. دعوة إصلاح وحق، ورسالة خير وصدق، يقوم على أمرها العاملون الأبرار، ويضحي في سبيلها الأطهار، وعلى طريقها المبارك يقضي نحبه الأخيار، ولهذا لن يخذلها العزيز القهار، وإن تكالب عليها الأشرار، وتذرَّع بها الغاصبون الفجار.
ودعوة الحق في رعاية الحق وتحت كنفه، وبالتالي لن يُوقف زحفها أحد. ورغم الهجمة التي تتعرض لها الدعوة، والأذى الذي يطال الدعاة والمصلحين، نقول للمتربصين بدعوتنا: لن تستطيعوا إطفاء نور الحق، مهما فعلتم، لأن الله متم نوره ولو كره الكافرون، وعلى غرار ما قال عبد المطلب يوم جاء أبرهه لهدم الكعبة (للبيت رب يحميه)، نقول أيضا: (للدعوة ربُ يحميها).
فرغم شدة المحن وتعاقب الفتن، ستظل هذه الدعوة الربانية، والمسيرة المحمدية، نافذة غالبة قاهرة ظاهرة، لن يضرها من خذلها ومكر بها إلا أَذًى، ولن تنال منها الخطوب وإن طال المدي، فهي شجرة طيبة، وما زرعته يد الله لن تنال منه يد البشر.
سيذهب الطغيان ويبقى الإخوان وحول هذا المعنى يقول الأستاذ الشهيد سيد قطب – رحمه الله تعالى -: «وحينما سلط الطغاة الأقزام الحديد والنار على الإخوان كان الوقت قد فات؛ كان البناء الذى أسسه حسن البنا قد استطال على الهدم وتعمق على الاجتثاث. كان قد استحال فكرة لا يهدمها الحديد والنار، فالحديد والنار لم يهدما فكرة في يوم من الأيام. واستعلت عبقرية البناء على الطغاة والأقزام. فذهب الطغيان وبقي الإخوان».
وقوى الباطل رغم تداعيها على دعوة الحق، فلن ينالوا منها ومن أهلها إلا ما قضى ربنا وقدَّر، وسترتد إليهم سهامهم خائبة خاسرة، لأنها كلها من قوى الأرض وعالم الفناء، وأهل الحق يعوذون بقوة السماء ومن له البقاء، فمن تكون له الغلبة ؟ ورحم الله الشهيد سيد قطب حين أكد هذه الحقيقة الدامغة بقوله: «ما كان لسفاهة سفيه ولا للمزة جاهل أن تنال من أصحاب عقيدة فى الله».
وختاماً نقول: على أهل الحق أن يكون لديهم الإيمان الكامل بأن الحق ظاهر وأن الباطل زاهق، وأن الحق يحمل قوته فيه وأن الباطل يحمل ضعفه فيه، وأن الحق أبلج وأن الباطل لجلج، وأن ارتفاع صوت الباطل وترعرع شجرته لا يعني قوته ودوامه، لأن الحق بقوته سيجتث شجرة الباطل، ولن يبقى لها قرار ولا ثمار. (وَقُلْ جَاءَ الحَقُّ وَزَهَقَ البَاطِلُ إِنَّ البَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا) [الإسراء: 81]، فسبحان من كان وعده حقا، (وَكَانَ وَعْدُ رَبِّي حَقًّا (98)) [سورة الكهف].